إنها تحيك المؤامرات في جلسات سرية لتقضي على التراث الإنساني والتاريخ الحضاري, ومالم تستطع ان تناله بالحيلة وشراء النفوس المريضة تسعى لتحقيقه بالقوة والفتك.
هنا على الارض العربية قامت الحضارات وامتدت من ارض الرافدين وبلاد الشام الى وادي النيل, ولأن اولئك لايملكون ارثاً حضارياً يماثل ذلك المتجذر في منطقتنا العربية, يحاولون تجريد هذه المنطقة من تليد عظيم صنعه انسانها خلال عشرات القرون.
لقد سرقوا كثيرا من الكتب والآثار, ولايزالون حتى اليوم يبعثون صبيانهم لتهريب الاثار, ودليل النهب المنظم لهذا التراث العريق وجود كميات كبيرة منه في متاحفهم.
لكن المشهد الاكثر قسوة , ذلك الذي ظهر على الفضائيات منذ خمس سنوات عندما قامت آلة الحرب العسكرية بتدمير متاحف تضم إرثاً يزيد عمره على مئة قرن, كان المشهد مؤلما ولم يتمالك كثيرون انفسهم من الصدمة الفاجعة, فكانت الدموع تعبيراً تلقائياً على اكثرالمشاهد قسوة, ولاسيما ان الفاعل يدعي التقدم والحضارة.
هولاكو القديم المشهور بقوته التدميرية لم يفعل ذلك ونجت تلك الآثار من براثنه, لكن هولاكو المعاصر فعلها وأنشب أظافره فيها سرقة وفتكا وتدميرا.
المتابعون لقضايا نهب الآثار العربية وتدميرها, لهم تفسير مهم جدير بالنقاش والاعلان على رؤوس الأشهاد, فهم يفعلون ذلك لأنهم يفتقرون إلى مثل هذا الإرث الحضاري, وهم عندما يسعون للقضاء عليه, فهم يفعلون ذلك ليجردوا المنطقة العربية من حضارتها التليدة ظنا منهم انهم بذلك يتساوون مع المنطقة, ويبقى التفوق بالقوة هو الفيصل الأخير عند المقارنة بيننا وبينهم.
لكن فاتهم أن القتل والتدمير لاينقص من القيمة الحضارية للمنطقة المثبتة على صفحات التاريخ, كما أن مثل هذا العمل لن يجعلهم حضاريين, لأنهم ببساطة بلا جذور حضارية, ومن كان كذلك لن يكون إنساناً حضارياً ولو سرق إرث كل العالم.