تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


التخطيط الاقتصادي والقاعدة الســبعينية

اقتصاديات
الأربعاء 29-7-2009م
د.حيان أحمد سلمان

يتجلى جوهر علم الاقتصاد بالسعي والعمل والتخطيط لايجاد توافق مستمر بين (الموارد المحدودة) و( الاحتياجات الدائمة والمتجددة للسكان)

‏وبالتالي نضمن استمرار التحسن المستمر في مستوى حياة الشعب المادية والمعنوية من سكن وملبس وغذاء وحاجات روحية وثقافية ومعنوية... الخ.‏‏‏‏

وينطلق هذا العلم بذلك بشكل واقعي من طبيعة العلاقات الترابطية بين الظواهر والمؤشرات الاقتصادية والتي تنعكس بشكل مباشر على جوانب الحياة الاخرى من سياسية واجتماعية وغيرهما.‏‏‏‏

ومن هذه العلاقات الارتباطية ما يدعى ( القاعدة السبعينية Rule of 70) ويمكن استخدامها في الاقتصاد السوري وخاصة في العمل التخطيطي بهدف الاستعداد لمتطلبات المستقبل ومواجهة تحدياته الناجمة عن عوامل داخلية وخارجية.‏‏‏‏

وجوهر هذه القاعدة يتلخص بما يلي (اذا كان مقدار ما ينمو بمعدل سنوي ثابت وليكن (ث) مثلاً فإن هذا المقدار سيتضاعف خلال فترة زمنية قدرها (70/ث) اذا بقي معدل الزيادة ثابتاً لا يتغير مع السنوات) وكمثال على ذلك في الاقتصاد السوري:‏‏‏‏

- على مستوى الاقتصاد الكلي (Macroeconomics) والذي أرسى دعائمه الاساسية بشكل علمي وعملي الاقتصادي الانكليزي المعروف ( جون ماينارد كينز) في عام 1935 في كتابه النظرية العامة للعمالة والفائدة والنقود مركزاً على المشاكل التي كان يعانيها كل من الاقتصاد الاميركي والبريطاني بعد أزمة الكساد الكبير الناجم عن أزمة عام 1929 وتراجع الطاقات الانتاجية للبلدين وتجاوز معدل البطالة في ذاك الوقت نسبة25٪ من اجمالي القوة العاملة في كل من البلدين مترافقاً مع معدلات مرتفعة من التضخم وخلل عام في كل مقومات الدورة الاقتصادية من انتاج وتوزيع واستهلاك .‏‏‏‏

واذا طبقنا ذلك على مستوى الاقتصاد السوري وبشكل اساسي مشكلة البطالة التي يجب أن تكون في سلم أولويات الخطط الاقتصادية، والتي يتوقف معدلها بشكل اساسي على جانبين اثنين وهما ( حجم الاستثمارات ومعدل زيادة السكان ) مع قناعتنا بأن الأولوية هي لحجم الاستثمار. حيث إن زيادتها تقلل من معدلات البطالة والعكس صحيح لأن الاستثمارات هي الحامل الحقيقي لزيادة معدلات النمو الاقتصادي.‏‏‏‏

وخاصة اذا توجهت نحو الاستغلال الامثل لمواردنا المتاحة وبذلك نضمن تحويل المزايا النسبية المتواجدة الى مزايا تنافسية تضمن زيادة معدلات التسويق وبالتالي زيادة الانتاج لاحقاً لأن الضمانة الحقيقية لاستمرار الانتاج هو التسويق وعدم تراكم المنتجات في المستودعات.‏‏‏‏

وبالعودة الى ( القاعدة السبعينية) وتطبيقها على معدل الزيادة السكانية في سورية كتطبيق عملي لما ذكرناه. وباعتمادنا على المجموعة الاحصائية لعام 2008 الصفحة66 والمتضمنة عدد السكان الذين تواجدوا في أراضي الجمهورية العربية السورية بتاريخ التعدادات السكانية وجدنا أن معدل الزيادة السكانية هو بحدود 2،4٪ سنوياً هذا يعني أن عدد سكان سورية سيتضاعف بعد فترة زمنية قدرها ( 70/2،4 = 29.2 سنة) وهذا ما يجب أن نعطيه الأهمية المناسبة أي تفعيل القطاعات المولدة لفرص العمل وهذا ينطبق على قطاع الصناعة التحويلية حيث يجب تصنيع كامل مواردنا المتاحة وعندها تزداد القيمة المضافة ويتم احداث فرص عمل جديدة وتحول اقتصادنا الريعي الى اقتصاد صناعي.‏‏‏‏

أما على مستوى الاقتصاد الجزئي (Micro economies) والذي ترسخ بشكل اساسي من قبل (آدم سميث) وخاصة في كتابه الشهير (ثروة الأمم) عام 1776 والذي بحث فيه آليات الاسعار والفائدة ونقاط القوة والضعف في آليات السوق تحت مبدأ ( دعه يعمل دعه يمر) وبأن المصلحة العامة تتحقق من جراء تحقق المصالح الفردية للمواطنين باعتبارها تحصيلاً حاصلاً لذلك بالعودة الى جوهر ( القاعدة السبعينية ) وكمثال عملي على ذلك:‏‏‏‏

اذا قام احد المستثمرين باستثمار امواله في أحد المصارف السورية أو في مجال استثماري آخر و بمبلغ قدره 50 مليون ليرة سورية مثلاً وبفائدة سنوية ولتكن 6٪ مثلاً. فإن هذا المبلغ سيتضاعف خلال فترة زمنية قدرها (70/6= 11.7 سنة) والسبب في ذلك هو أن هذا المبلغ سيتضاعف وفق مبدأ ( الفائدة المركبة) أي أن مقدار الفائدة في السنة الماضية سيعطي فائدة جديدة وهذه ستعطي فائدة جديدة أخرى وهكذا دواليك وبالتالي يزداد المبلغ من تلقاء ذاته.‏‏‏‏

وهكذا يتبين لنا أهمية أن تتحول المؤشرات التخطيطية الى مؤشرات رقمية ومن ثم تنتقل الى البحث عن المصادر الداخلية أولا بعدها الخارجية لأن مقومات التنمية هي بالدرجة الأولى عوامل داخلية. والعمل لتحقيق هذه الأهداف المنشودة بأقصر وقت وأقل تكلفة واحسن نوعية . وبرأينا أن هذا هو جوهر العمل التخطيطي الاستشرافي وخاصة في ظل انتقالنا واعتمادنا نهج اقتصاد السوق الاجتماعي القائم على مساهمة كل القطاعات والفعاليات الاقتصادية في تحقيق التنمية المستدامة المتوازنة على قاعدة التوافق بين ( الأسواق وانطلاقتها ) و ( الدولة وتوجهاتها). ولا يتوقف تطبيق هذه القاعدة على هذين المؤشرين بل يمكن أن نطبقها على المؤشرات الاقتصادية الاخرى مثل معدل النمو الاقتصادي للناتج المحلي الاجمالي ومعدل الاسعار.. الخ.‏‏‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 د.حيان سليمان
د.حيان سليمان

القراءات: 897
القراءات: 1060
القراءات: 863
القراءات: 1130
القراءات: 868
القراءات: 909
القراءات: 1055
القراءات: 941
القراءات: 857
القراءات: 820
القراءات: 786
القراءات: 2159
القراءات: 898
القراءات: 981
القراءات: 1050
القراءات: 983
القراءات: 955
القراءات: 1052
القراءات: 2299
القراءات: 975
القراءات: 1411
القراءات: 1082
القراءات: 1108
القراءات: 1079
القراءات: 1087

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية