تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الزمن المفقود

معا على الطريق
الجمعة 5-7-2019
ديب علي حسن

ما زال القول المأثور الذي ملأ السمع يتردد حتى اليوم وسيبقى للدهر كله: الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، أبجديات أولى حفظناها مذ كنا على خشب المدرسة،

لا أقول المقاعد، لأنها لم تكن مقاعد، بل بقايا من خشب كله نتوءات وعقد، وصاحب الحظ السعيد من يجد طرفاً سليماً من خشبة يتكيء عليه، وعلى اللوح الخشبي المحفور بزواريب ناعمة، كانت حكمة دائمة يحرص عليها المعلمون: الوقت...‏

نرددها أولاً، ومن ثم نمضي إلى الدراسة، في الطريق إلى البيت ثمة عيون ترقبنا إن كان التلكوء سيد الموقف، هناك من يرعى وقتك، يريدك أن تكون قابضاً عليه، لا أن يقطعك، ليس الأمر مقارنة أبداً، بل بكاء على ما كان، نعم بكاء أسود على حال تغير على نحو لا يمكن القول إنه رديء، فالرداءة أقل ما يمكن أن يعبر عما نحن فيه من هدر للوقت، للزمن، للحياة للفعل، ملوثات اليوم ومضيعاته صارت أكثر من أن تحصى.‏

ما يقودنا إلى هذا الحديث إعلان وزارة التربية موعد بدء العام الدراسي بتقديمه ستة أيام عما كان سابقاً، سمعت الكثير مما قيل بالأمر، مع أو ضد، والحقيقة أن حزناً وقهراً عميقين يدخلان النفس حين تسمع هراء ما بعده هراء، يأتي من بعض من يجب أن يكون حامياً للزمن، هذا يستهجن وذلك يتمتم: لماذا هكذا..؟‏

غريب أمر هؤلاء، لماذا لا نسمع منهم كلمة حول الزمن المهدور، كيف يعمل الكثيرون على تعطيل طاقات الحياة، لا أعرف مكاناً في العالم لديه هدر الزمن يدعو للفرح كما نحن، الأطفال حين يعودون من مدارسهم قبل أيام عطلة ما، يتهامسون: المعلمة قالت: (بكرة مراجعة وتسميع لمن سوف يداوم)، المعلمة قالت: (بكرة ما عنا شيء)... الآنسة قالت.. المعلم قال.. تمتد العطلة بدل اليوم أياماً، وبدل الأيام أسبوعاً..‏

قبل العطلة، نعطل يوماً أو يومين، وبعدها يومين، وما بينهما استعداد للعطل، بحساب بسيط نجد أن أيام العطل أكثر من أيام الدوام، وغير ذلك كثير كثير، ليس في المدارس وحدها إنما مؤسسات الدولة والدوائر الرسيمية وغيرها، مجموع أعيادنا وعطلنا الرسمية وحدها كافية لاستراحة شعب كان يقاتل من ألف عام، صحيح أننا نتوق لاستراحة ما، ولكن ماذا عن الطاقات المهدورة؟ هل نعمل على قاعدة أننا سواء أتينا العمل أم لا، فنحن سنأخذ رواتبنا، سيكون إنتاجنا وفيراً؟‏

أليس من الضرورة بمكان أن نعمل على زيادة وتيرة العمل، والحفاظ على الزمن، استثماره؟ ترى هل تتفضل حكومتنا بموسم الأعياد القادمة وتقول: يجب التقيد بالعطل الرسمية تماماً، وألا تزيد عليها، اللهم إلا إذا كانت ترى أن دوامنا وعدمه سواء، ولا أعتقد ذلك، لنكن أبناء الفعل لا العطالة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 ديب علي حسن
ديب علي حسن

القراءات: 784
القراءات: 785
القراءات: 820
القراءات: 701
القراءات: 724
القراءات: 809
القراءات: 872
القراءات: 815
القراءات: 681
القراءات: 907
القراءات: 787
القراءات: 760
القراءات: 746
القراءات: 766
القراءات: 747
القراءات: 702
القراءات: 868
القراءات: 723
القراءات: 795
القراءات: 770
القراءات: 840
القراءات: 814
القراءات: 832
القراءات: 749
القراءات: 801

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية