على حياة المواطنين جميعا باختلاف انتماءاتهم وأطيافهم السياسية والفكرية والاجتماعية , لأن آثار الأزمة لم تفرق بين موالاة أو معارضة وان حجم الأضرار والتخريب لم يصب مؤسسة بعينها , بل طالت الأضرار الكارثية الجميع وبالنهاية بات الاقتصاد الوطني بجميع مكوناته وقطاعاته هو المستهدف من كل ما يجري من أعمال تخريب ممنهج , وتدمير منظم لمقومات وأسس قوة الاقتصاد السوري التي تستند لكافة القطاعات المتنوعة فيه خاصة كانت أم عامة , والغاية الأساس هو تنفيذ المخطط التآمري والذي يطبقه أعداء سورية وأدواتهم بالداخل والخارج لضرب الاقتصاد الوطني , وإعلان انهياره تطبيقا للنظرية الماسونية لمحافل آل صهيون التي تقول : إذا أردتم هدم أركان دولة , فما عليكم إلا النفوذ إلى اقتصادها من الداخل ومن ثم العمل على ضرب هذا الاقتصاد وهدمه وبالتالي تنهار الدولة تدريجيا ...! تلك المقولة إذا أمعنا النظر جيدا بما يحدث لدينا اليوم , نجد في معظم مكوناتها أنها تطبق بحذافيرها على سورية وبكل أسف نقولها : إن التخريب والهدم والتآمر أيضا يتم على أيدي السوريين أنفسهم ....!
وعندما نقوم بتفكيك الصورة المركبة اليوم أيضا ونضع الأمور في سياقها , يمكن أن نشاهد مفرزات جديدة للازمة قد طفت على السطح , وان الأحداث التي جرت على مدى 24 شهرا الماضية تقريبا , قد أفرزت نتوءات وبؤر لممارسات سلبية جدا , لم تلبث أن تكاثرت كالفطر الذي ينمو بسرعة بعدما تتوفر له البيئة الملائمة والتربة الخصبة لاستمراره ...! وبالفعل فقد أفرزت الأحداث على مدى السنتين الماضيتين شرائح ممن يسمون تجار وسماسرة الأزمات , وبات هؤلاء الشريحة الوحيدة المستفيدة من كل ما يجري من فوضى بالبلاد والعباد , والذين لا يقلون خطورة عمن يحمل السلاح ويخرج بوجه الدولة مخالفا القوانين والأنظمة السائدة ومتحديا كل الشرائع والأنظمة النافذة , هؤلاء بكل تأكيد لم يعد لهم مصلحة بانتهاء الأزمة لان مصالحهم الشخصية وأرباحهم الخيالية باتت مرهونة باستمرار أو بانتهاء الأزمة , ولم يقتصر الأمر هنا على أي قطاع سواء كان خاصا أو عاما أو حتى المشترك , المهم إن مصالحهم مستمرة والظروف المناسبة سمحت لهم بتكديس الملايين من الليرات السورية على حساب قوت المواطن وحياته اليومية ...! ولسنا بصدد تعداد الممارسات والتجاوزات الخاطئة سواء كان ما يتعلق منها بتوفير المواد والسلع الأساسية كالغاز أو المازوت والخبز والسكر والرز وغيرها من السلع المدعومة , وللتأكيد بأن المصالح تتحكم بالكثير من المفاصل بدليل أن احد المسؤولين وفي مواقع متقدمة , اتخذ قرارا بإقالة احد المديرين في إحدى الشركات المعنية بمعالجة الأزمة , لم ينفذ المذكور قرار الإقالة لمدة أسبوع حتى أثير الموضوع أمام مجلس الشعب وحاول الأخير التوسط لدى الكثير من القيادات للعودة عن قرار الإقالة ...! تلك عينات وما أكثرها في المجتمع السوري اليوم وفي الجانبين خاص أم عام وقوة الفساد هنا تشير إلى أن هدف البعض الأوحد استمرار الأزمة واستمرار أسبابها لتحقيق وجني الفائدة المادية كيفما كانت ومن أين أتت ...! هذا يقودنا إلى ضرورة حتمية للتركيز على ناحية أساس وهي ضرب بؤر الفساد وتجفيف منابعه وأسبابه , وهذا لا يتم من قبل جهة واحدة بل بتضافر جميع الجهود من كل الجهات الرقابية وتفعيلها بشكل كبير , وحتى أن يتم الأخذ برقابة المواطن الذي هو من يدفع الثمن أولا وأخيرا , عندها نكون قد حافظنا على الحد الأدنى من العمل والدعم الحكومي رغم قناعتنا حتى الآن بضرورة إعادة النظر بآليات وأسلوب تقديم الدعم الذي يذهب إلى غير مستحقيه ويفتح الباب أكثر أمام انتشار الفساد الذي نطالب بمكافحته يوميا , وتفاؤلنا اليوم يأتي من قرارات الحكومة التي تقضي بصرف مئات الموظفين العاملين بالدولة من وظائفهم لأسباب تمس النزاهة ونأمل هنا أن يتم كشف الغطاء عن الجميع مهما بلغ شأن الموظف المتورط بالفساد , والا يتحول الأمر ليتم التسديد من رقاب الموظفين الصغار ويترك الفاسد الكبير ليستمر بغيه عندها نكون قد فشلنا مرتين ولله من وراء القصد ....!
ameer-sb@hotmail.com