تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


إلا عرائس الدمى!

خَطٌ على الورق
الثلاثاء 31-7-2012
أسعد عبود

استوقفني وجهها على إحدى الفضائيات. زمان لم أره، حتى أنني تساءلت للحظة: من هذه؟ ثم نظرت إلى أقربهم إلي وسألته: أليست فردوس عبد الحميد؟

لا أفترض أن هذه الفنانة المبدعة غابت أبداً، بل أنا الذي غبت. قد يكون آخر ما رأيتها فيه وأتذكره جيداً، ليلة القبض على فاطمة، و لا بد أنها عملت بعده الكثير، وقد اعترفت لكم أنني أنا الذي غبت.‏

ما زلت أتذكر بهوى تلك الأيام. مسلسلات التلفزيون ما قبل الفضائي. كانت على الأغلب تعرض علينا أسبوعياً وكانت غالباً 13 حلقة. ليس هذا نقداً يفضي إلى تميزية مسلسلات تلك الأيام، ولا أفلامها، إنما في ذلك حنين إلى ماض مضى. فما من شك أن إمكانات العرض وتقديم الفن هذه الأيام أكبر بكثير، لكن كان لتلك الأيام والمسلسلات و الأفلام وقعها الجميل الخاص، ليس فقط بسبب القلة بل أيضاً - برأيي – بسبب تغير علاقة الفنان و المشاهد عموماً بالعرض الذي يقدم. العرض كان يشكل عامل تواصل دائم بين الفنان والمشاهد طابعه الاحترام. كان الفنان يجتهد في عمله احتراماً لفنه وجمهوره وكان المشاهد يقدر ذاك الجهد فيتصرف باحترام تجاه الفن والفنان، لتنشأ بينهما علاقة محبة دائمة أعلنت أم لم تعلن.‏

أنا لا أفترض أن تلك العلاقة انتهت، لكنني أبصر وأتحسس تردي الموقف الاجتماعي العام عندنا من ذلك؟!.‏

بين مشاهدة الأفلام في صالة السينما ومشاهدتها على الشاشة الصغيرة هناك سقوط حضاري يتجلى في تراجع الاحترام للفن، حيث طوفان الدراما و«الموفز» على قنوات البث التلفزيوني لا تترك للفنان أن يميز فيختار فيجتهد – إلا من رحم ربك – و لا تترك للمشاهد أن يجلس بصمت واحترام في محراب الفن مقدراً ذاك الجهد.‏

وبين عروض التلفزيون المنتظمة في مواعيد إن فاتتك راحت عليك، و بين ما ملكتنا أياه التكنولوجيا من حرية اختيار الزمان والمكان، سقوط آخر لاحترام الفن.‏

ثم وصولاً إلى الشبكة الدولية وما تورده من فنون، ولاسيما إعلامية، لا يترك الكذب فيها وقلة الأدب وعدم الاحترام لمشاعر أحد ومعلوماته أي فرصة للحوار وتقبل الآخر.‏

لكنها طاقة عظمى مفجرة في الكون، لتداول الفن والأدب والأعلام والمعلومة، و جديرة بكل احترام. وهي بين أيدينا مظلومة إلى حدود الكارثة بسبب نقص الاحترام، وهي ليست كذلك لدى مبدعيها ومخترعيها و موزعيها و مستثمريها والذين اصطادونا بها. نحن – يا حسرتي – سيرنا جوعنا للحرية وحاجتنا للمعلومة فدخنا وسط هذا البحر إلى درجة مؤسفة، بل مقززة أحياناً.‏

ذهبنا بعيداً وحكايتنا بدأت مع الفنانة الكبيرة فردوس عبد الحميد.‏

كان البرنامج في آخره حين سألها المذيع: ماذا تقولين للسوريين؟‏

قالت:‏

أقول لهم: عاوزين ثورة عملوا ثورة...اختاروا النظام اللي يعجبكو...بس ما تبؤوش لعبة في أيدي الغير زي العرايس.‏

هذا كلام ساقط من عصر الاحترام.‏

as.abboud@gmail.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 أسعد عبود
أسعد عبود

القراءات: 646
القراءات: 948
القراءات: 931
القراءات: 906
القراءات: 955
القراءات: 992
القراءات: 999
القراءات: 980
القراءات: 1074
القراءات: 1089
القراءات: 1023
القراءات: 1066
القراءات: 1039
القراءات: 1078
القراءات: 1334
القراءات: 1218
القراءات: 1122
القراءات: 1142
القراءات: 1201
القراءات: 1201
القراءات: 1208
القراءات: 1229
القراءات: 1223
القراءات: 1277
القراءات: 1278

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية