ولم يكن صعباً قراءة ملامحه بوضوح في السياق الذي أنتجته فضائيات المؤامرة، التي أفردت مجالس لخيبتها و اضطرت إلى الإقرار علناً بانتكاسة تجاوزت في بعض مراحلها حدود التحليل والاستنتاج إلى حدود الإملاء والتحريض، وإقرار أمر العمليات والإبلاغ وتحديد الأهداف والإحداثيات، فكانت الصدمة المدوّية التي دفعتها إلى الاعتراف بأنه أسقط في يدها، ولم يكن بد من التسليم بالحالة المزرية التي واجهتها.
وللمداورة على هذا الإفلاس الذي بدا جلياً، كان التعويل على لغة أميركية وغربية تجاوزت في الكثير من تفاصيلها مفردات اللياقة السياسية والدبلوماسية، ومارست سياسة عدائية غير مسبوقة وبأسلوب من الإقصاء والتطاول والاتهام، مجندة أوراق ضغط سياسي لم يشهد العصر الحديث مثيلاً لها، تحت ذريعة انكشفت هشاشتها وسقطت بوضوح، ولا تحتاج إلى أدلة أو براهين.
وهذا ما اتضح في التصعيد الذي بدا منفلتاً ومدفوعاً بأجندات بالغت في تورطها وأوهامها ، سواء على الأرض أم في المشهد الدولي الذي وصل إلى حد المراهنة على الإرهاب والإرهابيين بهذه الصفاقة، لانتزاع ما تخطط له بعد أن فشلت حربها الكونية في تحقيق حتى ما يحفظ ماء الوجه.
وكان صمود السوريين يزيد من ارتباكهم ومن التخبط السياسي والإعلامي، حتى أن قنوات سفك الدم السورية واجهت إفلاساً واضحاً في تفسير ما يجري وخصوصاً أمس فأقامت مجالس لتبرير الخيبة ولتندب حظها العاثر في اختيار المكان الخطأ، بلغة عدائية ساخرة للتغطية على الإحباط وإن جاء بصيغة اعتراف بأن ما يجري خارج كل الحسابات وقلب المعادلات رأساً على عقب.
منذ بداية الأحدث قلنا مراراً وتكراراً إن سورية لا يمكن أن تسمح بمسّ سيادتها، وليس مسموح لأحد أن ينال من أمنها تحت أي مسمى ، ومن غير المقبول مخاطبة السوريين إلا بلغة ترقى إلى تاريخهم ووجودهم، وأن رسالة سورية واضحة، ولن تتخلى عن مسؤولياتها في حفظ الأمن والاستقرار ومواجهة أي محاولة عبث من أي جهة كانت.
لكن هناك من تجاهل عن عمد.. وهناك من توهم، وهناك من تورم لديه الوهم وثالث ابتلي بداء الاستطالة المرضية فذهب غرباً وشرقاً، فراهن على أضغاث أحلام بأن سورية يمكن ان تهادن أو تساوم فكانت المباغتة التي أدت إلى ممارسات وتصريحات خارجة عن سياقها وموضعها.
من الطبيعي أن يفقد أولئك أعصابهم وقد رهنوا وراهنوا بكل ما لديهم من رصيد سياسي واستراتيجي في سبيل النيل من سورية. ومن المنطقي أن نرى تلك الأصوات المبحوحة وقد دخلت في نوبة هستيرية عبّرت عنها تلك الموقف غير المسؤولة.
لا نعتقد أن هناك من تغيب عن ذهنه حالة التحضير السياسي والدبلوماسي وحملة التحريض والتجييش لجلسة مجلس الأمن غداً «اليوم» مع هستيريا تصعيد الإرهاب ودعم للمسلحين سياسياً وإعلامياً ومدهم بالسلاح الأميركي والإسرائيلي، الذي انكشف بعض منه أمس بشكل فاضح، وهي لا ترتبط بالإصلاح لا من قريب ولا من بعيد، بل محاولة أخرى يائسة للنيل من سورية.
ونجزم أيضاً وإلى حدود اليقين أن سورية التي حسمت أمرها كما هو قرارها ستدافع عن نفسها وعن مواطنيها، وستواجه الإرهاب ومن يقف خلفه تمويلاً وتحريضاً ومشاركة..دعماً مادياً أو لوجستياً لا فرق، وكما كانت في الماضي عنواناً لفرادة في التاريخ هي اليوم فريدة في تصديها وفي مواجهتها، ولن تكون يوماً إلا كذلك.. كما يريدها السوريون دون سواهم، كما عملوا ويعملون من أجلها قوية صامدة متجددة.
a-k-67@maktoob.com