وجددت فيه بأغلبية ساحقة تأييد الدول الأعضاء لسورية وحقها المشروع في استعادة الجولان السوري المحتل, معلنة أن إسرائيل لم تمتثل حتى الآن لقرار مجلس الأمن رقم ,497 وأن إجراءات فرض قوانينها وولايتها وإرادتها على الجولان لاغية وباطلة وليس لها أي شرعية على الإطلاق, على أهمية هذا القرار وما عكسه من تضامن دولي قوي وواسع مع سورية في نضالها لتحرير الأرض وتحقيق السلام وصل حد الإجماع, وعزلة في المقابل للحليفين الأميركي والإسرائيلي اللذين لم يجدا من يصوت إلى جانبهما غير كندا وأربع دول جزرية صغيرة, فإن التخوف كل التخوف وهو المرجح أن يتحول كغيره من القرارات الأخرى المتصلة بالصراع وما أكثرها, إلى رقم إضافي يراكم الكم الكبير الموجود في أرشيف المنظمة الدولية, وأضابيرها التي تعاني من غبارالتجاهل وصقيع الإهمال.
والتشاؤم هنا مرده للتجارب الكثيرة وللثقة التي لا يشوبها شك, بأن الولايات المتحدة بإدارتها الحالية المكونة من المحافظين الجدد, المصنفين في قائمة الغلاة الأكثر تطرفاً وعدوانية والتصاقاً بالمشروع الصهيوني, لن تسمح للمنظمة الدولية بالتغريد خارج السرب ولا التشويش وأن تشكل عائقاً في وجه طموحاتها واندفاعاتها الكونية, وتوجهها نحو رسم هيكلية جديدة للمنطقة تتفق ومصالحها وأطماعها الامبراطورية, وتكرس مشروعية إسرائيل واحتلالها وعدوانيتها وبقاءها قوة متفوقة, تفرض على العرب ما تريد وتفصل السلام وتمليه بالشروط التي ترتئيها, وبمنطق المنتصر والغالب لا بصيغ الشرعية الدولية وقراراتها.
وهي في ذلك والمقصود أميركا-بوش الابن تجد نفسها في حل من أي تعهد والتزام, لإدارة بوش الأب حيال السلام وإحقاقه وفق مرجعية مدريد وعلى قاعدة التنفيذ لقرارات مجلس الأمن 242 و338 و,425 وغير معنية والطاقم الإسرائيلي الحاكم برئاسة الإرهابي شارون أو غيره, بتوفير مناخات تشيع أجواء الأمن والاستقرار في هذه المنطقة, التي عانت لعقود وتعاني بفعل الاحتلال والسياسة الأميركية الداعمة له ولإرهابه وجرائمه الكثير من الآلام والمآسي, وتواجه استحقاقات مصيرية صعبة وخطيرة قلما واجهتها أمة من الأمم وشعب من الشعوب, بقيت عصية على الحلول وخارج دائرة الفعل والتأثير الدولي المنشغل حالياً وللأسف الشديد, بإرضاء اللوبي الأميركي-الصهيوني والتشريع والتسويق لأجندته على حساب القيم ومبادىء الحق والعدل والسلام.
وبالتأكيد فإنها لمفارقة كبرى وازدواجية خطيرة مرفوضة بإطلاق, أن يظل الخطاب والتعاطي الدولي وخاصة في أطر مؤسسات القرار المعنية بالحفاظ على الأمن والسلم العالمي, عاجزاً متردداً يستسهل عريكة العرب والصدام معهم ومع الشعوب الأخرى, الموضوعة في خانة العداء لمحور واشنطن-تل أبيب, وفق سياسة المواقع والساحات المستضعفة المسموح استباحتها وعرض العضلات عليها وتجاوزها وسرطنة مشكلاتها, وإبقائها تحت رهبة الأخذ والتدجين والعدوان والتدويل والتدخل الخارجي, وأن تتحول المنظمة الدولية ومؤسساتها وخاصة مجلس الأمن إلى سيف مسلط على رقاب الشعوب, ودكاكين لتكريس المظالم والشرور وتصدير الحروب, خلافاً لمبادىء ومواثيق الأمم المتحدة التي يجب أن تكون الضمانة والمظلة للجميع, فيما هي حازمة وخارج حدود التصور إن كان الأمر يتعلق باختبار القدرة والفاعلية تجاه العرب.?!
ومع تقديرنا الكبير للشرعية الدولية واحترامنا الشديد لقراراتها وتأكيد التزامنا بها, رغم المعرفة الموثقة بأن بعض هذه القرارات والوليدة منها التي تحمل طابع الاستعجال, تصدر عن قوى ودول معروفة وبضغوط منها ولا تستند لأي من مبادىء الحق والقانون الدولي, فإننا نهيب بالأمم المتحدة المؤسسة الأم ومؤسساتها المختلفة التي استنفرت وتستنفر الدنيا لتنفيذ قرارات جائرة وظالمة, أن تلتفت أسوة إلى عشرات القرارات المعطلة والموضوعة على الرف برسم إسرائيل وحليفها, صاحب (الفيتو) والاستخدامات السيئة له القطب الأميركي المتفرد اليوم, بتسمية النظام القمعي الأكثر عدوانية وعشقاً للحروب والحرائق وتصديراً للفوضى,وتجد سبيلاً وآلية إلى تطبيقها وإلزام إسرائيل التقيد بمضامينها, توكيداً للهيبة والمصداقية والدور ونزعاً لفتيل التفجير وإرساء معادلة السلام.