فهذان الوزيران العنصريان يحاولان تحقيق ما عجزت دولتيهما عن إنجازه بواسطة دعم الإرهابيين، وتسهيل إرسالهم من بلدانهم إلى سورية، ومدهم بالمال والسلاح، وذلك عبر القول: إن ما آلت إليه الأوضاع في سورية يستدعي حلاً سريعاً، وفقاً لما اعتادا ترديده طوال العامين الماضيين، ليس حرصاً على الشعب السوري بل خوفاً مما سموه تداعيات الأزمة في سورية.
المعادلة الجديدة التي طرحها الوزيران الاستعماريان تحت لافتة تحذيرية "كلما طال أمد الأزمة زاد خطر الجهاديين على الغرب" توضح أن العامل الأساسي للطرح هو مصلحة الغرب، حيث لا يجد هيغ غضاضة في القول: إن من بين الجهاديين في سورية أشخاصاً مرتبطين ببريطانيا وبدول أوروبية أخرى" ليبرر مسألة طرح الإسراع بالحل وفقاً للأجندة الغربية الأميركية.
وهنا السؤال الذي يجب توجيهه إلى هيغ وأمثاله: لماذا سُمح لهؤلاء الجهاديين البريطانيين بالمجيء إلى سورية مادام هناك قلق من عودتهم؟
الحقيقة: إن بريطانيا وكل الدول الأوروبية المنخرطة في العدوان على سورية تريد الاستثمار في الأزمة في سورية على جميع الجوانب، فمن جهة أرسلت إرهابييها الذين دجَّنتهم لهذه الغاية ليُقتَلوا في سورية، ثم تاجرت بدمائهم ودماء الشعب السوري، وهي الآن تريد إنهاء الأزمة وفقاً لما خططت له، بحجة أن القلق من التداعيات وعودة الإرهابيين الذين أرسلتهم لقتل الشعب السوري.
ما أدلى به هيغ وفابيوس يحمل بين طياته خبثاً استعمارياً يتمثل بمحاولة استثمار تداعيات الأزمة في سورية على المحيط والعالم - والذي حذرت منه القيادة السورية منذ بداية الأزمة - للعودة إلى نغمة التدخل في شؤون سورية من هذا الباب، ولا يُستبعد أن تكون هذه التصريحات مقدمة لاستغلال المنابر الدولية من جديد من أجل فرض الأجندة الأميركية الغربية بالقوة السياسية، بعد فشل فرضها بقوة الإرهاب.
إن وقاحة هيغ التي تجلت بالقول: إن "الجهاديين قد لا يشكلون أي خطر علينا عندما يذهبون إلى سورية" تبيّن التورط المباشر لبريطانيا وفرنسا بإرسال الإرهابيين لقتل الشعب السوري، وفي الوقت ذاته تستدعي من أولئك السوريين الذين اعتقدوا أن مثل هذه الدول الاستعمارية غيَّرت جلدتها إعادةَ النظر، والعودة إلى واحة الوطن، وعدم الثقة على الإطلاق بشعارات غربية هدفها الأساسي العودة للسيطرة المطلقة على المنطقة من باب الديمقراطية والحرية.
فعندما ينصِّب وزير الخارجية الفرنسي نفسه محل الشعب السوري، ويشترط حل الأزمة في سورية بتحقيق ما خططت له دولته وغيرها منذ بداية الأزمة، فهو لا يحترم الحرية والديمقراطية التي يتلفع بها.
وكذلك الأمر عندما يقتفي فابيوس خُطا القرضاوي في تحديد مَن المسلم ومَن الكافر في تمييزه الحقير بين الوضع وسورية، والقول: "إن الناس في مالي مسلمون ويعانون من إرهابيي المخدرات، بينما الوضع في سورية غير ذلك" فإنه يتاجر بدماء السوريين والماليين لأجل تحقيق مصالح بلاده الاستعمارية.
إن طروحات "هيغ وفابيوس" الأخيرة مجرد أضغاث أحلام، فدول المؤامرة التي انهزمت في الحرب على سورية، لم ولن تتمكن من نيل مبتغاها بالوسائل السياسية، وأمنية وزير الخارجية الفرنسي "بأن تصبح أحلام اليوم حقائق في الغد" لن تتحقق وستسقط أمام انتصار سورية القريب.