التي ارتسمت كرأس حربة مدعمة برصيد من التنظير السياسي وبتراكم من الخبرة في خدمة الأدوار الغربية ومصالحها وأطماعها في المنطقة على مدى عقود خلت.
وقد أثار هذا الدور، ولا يزال يثير، الكثير من الأسئلة العاصفة التي ما برحت تنهال دون توقف على مدى قرابة العامين، خصوصاً بعدما تجاوزت صفاقته السياسية كل الأعراف الدبلوماسية، سواء في التطاول السياسي بكل ما فيه من مكونات، أم في لغة التخاطب التي بدت فاقعة في تعاليها، ومنفرة بمفرداتها.
فكانت حكومة العدالة والتنمية الأكثر مشاركة وتورطاً في مفاعيل العمل الإرهابي المنظم، وإحدى أهم العلامات الفارقة في الأدوار الإقليمية سواء أكان على مستوى التسليح أم التدريب أم الحضور، مروراً بالمشاركة المباشرة وغير المباشرة، في الرعاية السياسية والاحتضان الإعلامي.
والواضح أنها وسط الحراك السياسي الذي يشهده المناخ الدولي بدت الأسئلة أكثر سخونة، ليس بسبب إماطة اللثام عما هو مسكوت عنه، بقدر ما كان نتاجاً لانكفاء الأدوار الأخرى وخصوصاً في شقها الغربي، بما فيها تلك التي تبحث عن مخرج لاستدارتها.
وفي حين اعتمدت الحكومات الغربية سياسة المداورة كانت حكومة أردوغان توغل في دورها وتستميت خلف أذرعها الإرهابية بحثاً عن موطئ قدم يبقيها على ضفة الحدث، وإن كان بأساليب وأشكال مختلفة، حين مارست أقصى درجات الاستنفار والحشد والاحتشاد نحو مزيد من التحريض، ليس بمشاركة الإرهابيين لدورهم وأدواتهم فحسب، وإنما في رعاية التوجه السياسي ليكون الحائط الجديد الذي يحول دون أن تنفذ الحلول السياسية إلى الأضواء وسط المشاغبة التركية بوجهها الإرهابي، فتحولت إلى مقرّ لإدارة الحلبة الإخوانية على امتداد الساحات العربية، بما يتوافق وينسجم مع الأجندات الموكلة إليها، والتي ثبت أنها تتفوّق على حجم وموقع الدور التركي في خلطة الربيع العربي، وتتجاوز مساحات تركيبته الإخوانية المصنعة أميركياً وإسرائيلياً.
وعلى المنوال ذاته كان الكثير من الأفعال التركية موضع تساؤل في الداخل التركي، الذي تمت الإجابة عنه بوابل من إجراءات القمع وإغلاق الأفواه، منعاً لأي التباس حول ما تتقمّصه حكومة العدالة والتنمية من أدوار، تحت شعارات تبطن خلفها كمّاً من التماهي مع أحلام العثمنة بنسختها الأردوغانية المعدلة، والتي فرضت ذاتها على ذلك الداخل بحركة من المشاهد المريبة في شكلها ومضمونها.
لا أحد ينكر أن التعامل السوري مع تجاوزات الموقف التركي اتسم بالكثير من الـتأني، وفي بعضها اعتمد أسلوب التجاهل وغضّ الطرف والتعالي على الكثير مما صدر في سبيل الحفاظ على الحد الأدنى من معايير الجوار الإقليمي، ومارس الموقف السوري سياسة النفس الطويل والتزم حيالها ما فُُُسّر في كثير من الأحيان في غير موضعه وفي غير مكانه، وفي سياق خارج إطاره الطبيعي، وتم التصويب عليه في قصف سياسي كجزء من أدوات الحرب الكونية.
القضية بمعاييرها الجديدة، وتطوراتها المتلاحقة لم تعد اجتهاداً، ولا استنتاجاً، ولا هي في باب المساجلات السياسية التي تريد أن تحجز لها مكاناً في حيّز ليس لها، خصوصاً مع الخطوات المتلاحقة على الأرض وفي السياسة التي تنسجم مع روحية المشهد في البحث عن مخارج لا تقف عند البوابات المنصوبة للاصطياد السياسي، والمجادلة في المسلمات، عبر إدخالها في بازار المساومة والاشتراطات كجزء من تعطيل الحل وتأخير وصوله إلى بواباته الصحيحة التي تنتصب اليوم بوضوح، وتكشف للملأ حجم الهزال السياسي لكثير من جولات المصارعة على حلبة فضائيات الفتنة.
a.ka667@yahoo.com