الأمر الذي كان يوفر الكثير من القتل والخراب والتدمير في مشروعات البنية الأساسية للدولة، فمنذ اللقاءات الشعبية الأولى تعهد السيد الرئيس بالمضي في المشروع الاصلاحي، باعتبار مطالب الجماهير الشعبية أمراً مفروغاً منه، وما على الحكومة إلا أن تعمل على تحقيق المطالب الشعبية، وقد حمل أول وفد شعبي نبأ استجابة الحكومة لجميع المطالب المحلية والوطنية، لكن الرد على تلك المبادرة كان المطالبة بإسقاط النظام نزولاً عند تفاصيل المخطط التآمري الخارجي الرافض لكل مبادرات الحل المطروحة.
يومها بدت خيوط المؤامرة تنجلي للعلن وتفصح عن أهداف الاحتجاجات وخلفيات من يحركونها.
ومن المحتمل أن البدايات الأولى للاحتجاجات دفعت ببعض المطالبين للتظاهر تحت شعار سلمية الاحتجاجات، والرغبة في توسيع المشاركة السياسية لكل الفئات والمجموعات السياسية في البلد, وتحركت مجموعات من الشباب متأثرين بالشعارات الكاذبة لمدعي الثورة والحراك السياسي،لكنهم ما لبثوا أن اكتشفوا حقيقة الزيف بعدما طالت بعضاً منهم أيدي الغدر من بين المتظاهرين، ويوماً بعد آخر تم تصفية متزعمي الاحتجاجات ممن كانوا مخدوعين بسلمية الحراك، ليحل محلهم في جميع المناطق ذوي الاتجاهات التكفيرية مستغلين وقوع الكثير من الضحايا واتهام قوات الأمن وحفظ النظام بقتلهم، وتحريض الأهالي على احتضان المسلحين بذريعة حمايتهم من قوات النظام، وهو ما شكل حالة من الالتباس والضياع لدى مجموعات واسعة من أبناء الشعب العربي السوري.
وبالفعل سار مشروع التآمر بنجاح في مناطق كثيرة وصار الاعتداء على قوات الجيش والقوات المسلحة أمراً معتاداً حتى قبل أن يشارك الجيش في عمليات التصدي للمجموعات المسلحة، فيما كانت قوات الأمن وحفظ النظام تخرج لمواجهة الاحتجاجات دون سلاح أبداً، باستثناء الهراوات والعصي التي تستخدمها كل قوات الأمن في العالم لتفريق الاحتجاجات.
ومنذ البداية استوعبت الحكومة الدرس وعملت على استصدار الكثير من التشريعات والقوانين التي تستجيب لمطالب الشعب ورغباته، فكانت النتيجة مزيداً من القتل والتخريب، ومزيداً من تدفق المقاتلين الأجانب ممن تخرجوا من إرهاب أفغانستان والعراق، مدعومين بآلة إعلامية شيطانية قادرة على قلب الحقائق واختلاق الكثير من القصص والروايات الهادفة إلى زيادة تحريض الشعب وزرع الفتنة المذهبية والطائفية، واللعب على فكرة العمالة للغرب والصهيونية العالمية، فيما كان الواقع يؤكد أن كل الأعمال التي يقوم بها المسلحون لا تخدم إلا الغرب ومخططاته، وخاصة كيان العدوان في فلسطين المحتلة.
وبعد مضي عامين، وعدم القدرة على انجاح مخطط التآمر تعود إلى الواجهة فكرة الحوار أسلوباً للخروج من الأزمة، لكن الطروحات تتعارض، كما أن الغرب وجد نفسه أعزلَ أمام المبادرة السياسية الإصلاحية المطروحة مؤخراً والتي تصوغ ترتيباً عملياتياً لحل الأزمة لا يخضع لعامل الزمن، لكنه يرتبط بتحقيق تراتبية في التنفيذ وينقل البلاد من مرحلة إلى أخرى بما يضمن نجاحها، وعدم السماح لتلك القوى المتآمرة بتعطيلها.
لقد كان الحل واضحاً أمام الراغبين فيه، وكانت الحكومة تمتلك رؤية واضحة لكل التحركات المحلية والإقليمية والدولية، وقد كان الأجدى بالراغبين في الحل الإسهام فيه وعدم تعطيله، وهم اليوم يندفعون لتعويض ما فاتهم، فهل ثمة حكمة مستفادة، أعتقد أن البعض بدأ يفهم الدرس ويدرك أن الحل لا يمكن أن يكون إلا سورياً