بل إنها وصلت حدّ التماهي خصوصا في ظل الحديث عن تزايد في المؤشرات والاعترافات المتواترة بالرغبة الواضحة في الاستخدام المتبادل .
فالعامل الإسرائيلي ودوره في الأحداث التي تشهدها سورية، والذي أفصح عن نفسه بشكل فاضح في الآونة الأخيرة، لم يعد تكهنات واستنتاجات، ولا هو فقط ما نراه وما نشاهده من ظواهر دالة عليه والتي تطفو على السطح، بل بات يتكشف عبر طرق أخرى عديدة حان وقت الإفصاح عنها.
وإذا كانت الغاية النهائية التي عملت وتعمل من أجلها إدارة الحرب الكونية، هي الحفاظ على مصلحة إسرائيل سواء أكان بالوكالة عنها أم أصالة عن نفسها عبر ما قدمته وتقدمه من دعم للمسلحين بداية، أو من خلال عدوانها لاحقا، فإن الإفصاح الإسرائيلي عن الاتجاه نحو زيادة عمليات التنسيق ليس وليد الصدفة بقدر ما يعكس قراءة واضحة لحالة الإفلاس من قدرة الإرهابيين على تحقيق ما تعمل عليه إسرائيل وما تريده في نهاية المطاف.
فقد اعتادت إسرائيل في كل تاريخ علاقتها مع عملائها ومرتزقتها ألا تفصح وألا تظهر إلى العلن تلك العلاقة، إلا في حالين إثنين لا ثالث لهما، الأول إذا ما أيقنت أن صلاحية الاستخدام لهذا العميل أو تلك المرتزقة قد وصلت إلى نهاياتها، والثاني حين تتيقن أن دوره بات في خطر والمهمة الموكلة إليه تتجه نحو إعلان إفلاسها الفعلي.
في الأول لا يزال البعض يرى في دور الإرهابيين والمرتزقة مساحة لم تستنفد بعد، رغم المناخ المتغير والمزاج المتبدل للموقف الغربي من موضوع تسليح الإرهابيين والكلام عن حضور الدبلوماسية، وإسرائيل قد لا تكون الطرف الوحيد الذي يحدد الصلاحية، إلا أنها المسؤول الأول والأخير عن كرة الإرهاب التي تغزو المنطقة، والتي تتقاذفها الأصابع الإسرائيلية غربا وشرقا، فضبط الإيقاع من مسؤولية مشغليهم وممن شجعهم وأوجدهم وأفسح في المجال أمامهم للحضور إلى الأرض السورية بالدرجة الأولى، ولكن حتى لو لم تكن إسرائيل هي المحدد الكلي لبورصة الإرهابيين والمرتزقة تبقى عاملا محوريا في ارتفاع أسهم هذا وانخفاض قيمة ذاك.
وفي الثاني فإن دخولها المباشر على خط الأحداث عبر العدوان المباشر قد يقود إلى النتيجة ذاتها لأن إسرائيل لم تفكر بالانخراط في العدوان، إلا حين أدركت أن مهمة هؤلاء باتت في خطر حقيقي، نتيجة الهزائم المتلاحقة، والفشل في تحقيق أي مكاسب على الأرض، وخصوصا في الأسابيع الأخيرة فكان الدخول المباشر نوعا من التعويض ورسالة للإرهابيين أنهم ليسوا وحدهم في المعركة، فهي معركة إسرائيل قبل أي طرف أخر.
لكن ما يسجل اليوم أنه في الوقت الذي تتحضر فيه كرة الثلج للتدحرج على وقع التراجع في المواقف الغربية يحضر العامل الإسرائيلي، وكأنه ردة فعل معاكسة لاتجاه ريح السياسة الدولية، بل محاولة يائسة لإعادة خلط الأوراق في المشهد الدولي وسط تجاذب للأدوار والمصالح بما فيها الأطماع التي يتراجع الحديث عنها أو يؤجل لبعض الوقت.
وهذا - على الأقل - ما قد يفسر هذا التسارع في الإفصاح الإسرائيلي المباشر عن الدور الفعلي، والإعلان عن التنسيق مع المجموعات الإرهابية على وقع الغزل «غير العفيف» المتبادل بين الطرفين على أرضية واحدة تقود في النهاية إلى أن إسرائيل كانت ولا تزال وراء كل ما جرى وما يجري بتضافر ودعم من الغرب الاستعماري وبتشارك في الجهود مع مشيخات الخليج والعثمانية الجديدة وبالتواطؤ مع الإخوانية، وعبر تقاسم الدور مع الإرهابيين والمرتزقة..
a.ka667@yahoo.com