الباحثين عن الأمن والأمان، الفارّين من بَطش وإرهاب تنظيم جبهة النصرة الإرهابي ومُشتقاته من المرتزقة، يَتطابق مع ما شهدته المَعابر التي افتتحتها الحكومة في مرحلة سابقة، بحلب وحمص وغيرها من المناطق التي استعادها الجيش العربي السوري.
التطابق الحاصل بين ما يَشهده مَعبر أبو الضهور والمعابر الأخرى السابقة، لا يَتعلق فقط بمحاولة التنظيمات الإرهابية منع المدنيين من الخروج والمُغادرة، بترهيبهم، وبإطلاق النار عليهم، وبإرغامهم على البقاء داخل مناطق انتشارها، بل يَتعلق أيضاً بالموقف السياسي، أولاً، للأمم المتحدة، وثانياً، للدول الداعمة للإرهاب المُستثمرة فيه، وثالثاً، لمنابر الإعلام ومُنظمات المجتمع المدني والرأي العام!.
لا يُوجد أي مُسمّى آخر لمُحاولة منع المدنيين من الفرار والخلاص من الإرهابيين، سوى أنه اختطاف تحت التهديد بالقتل والتصفية الجسدية.
ولا يُوجد تَوصيف آخر لصمت الأمم المتحدة - الصمت بأفضل الحالات - سوى إعلان مُوافقتها على استمرار اختطاف الإرهابيين للمدنيين، وسوى مُوافقتها على استمرار تَرويعهم وإرهابهم، بل في حالات أخرى تَكررت، ساهمت الأمم المتحدة - ببيانات صدرت عنها - بتكريس الحالة، وبمحاولة الانضمام العَلني للأطراف المُستثمرة بالإرهاب، الراعية له!.
إذا كانت مَواقف الدول الداعمة الراعية للإرهاب مَعروفة مُسبقاً، وتأتي مُنسجمة مع سلوكها وسياساتها العدوانية فضلاً عن مُخططاتها بالحرب والعدوان، فإن المُستغرب هو موقف الأمم المتحدة كمنظمة دولية من أُولى مهماتها حفظ الأمن والسلام وحماية المدنيين!.
وإذا كانت مواقف ما يُسمى بمنظمات أو مؤسسات المجتمع المدني التي تَدّعي الحرص على السلام والازدهار مَعلومة مُسبقاً، وتأتي كاستجابة فورية لمصادر تَمويلها القذرة ولاتصالها المُباشر بالحكومات الرأسمالية، شأنها بذلك شأن وسائل الإعلام - المُضللة - التي تَدّعي الحرص على الحرية، فإن فضيحة الأمم المتحدة، والرأي العام، تبدو مُضاعفة، أولاً بسبب الكذب والدجل الذي يُمارسانه، وثانياً بسبب عدم قُدرتهما على التحرر من هيمنة النظام الرأسمالي الامبريالي، وثالثاً بسبب عَجزهما عن لعب أي دور إنساني أو سياسي مُستقل!.
هذه المواقف مُجتمعة، لا تَعكس إلا الشراكة المُعلنة - مع واشنطن ومحور الشر الذي تقوده - بالعدوان على سورية ومحور المقاومة، وهي لا تَنفصل عن الكثير من مواقف النفاق التي تتخذها مؤسسات الغرب الرسمية وغير الرسمية تجاه لبنان والعراق واليمن، ودائماً تجاه القضية الفلسطينية العادلة.
قد تَتَمكن هذه المواقف القذرة من التشويش على عملية تحرير إدلب من الإرهاب، لكنها لن تَتمكن من طمس الحقيقة، وقولاً واحداً لن تُثني سورية عن استكمال ما بدأته: باجتثاث الإرهاب ودَحره، وباستعادة كل المناطق والمدن، وبحماية مواطنيها، وبإعادة إعمار ما دمّره العدوان.. بل ستقتص لاحقاً من مُكونات منظومة العدوان وحكوماتها.