بعيداً عن الشكوى المعتادة من ازدياد نفقات الأسرة وتضاعفها، نرى هذا العام ووفق قاعدة (رُبّ ضارة نافعة ) أنه ونتيجة محدودية الدخل وتراجعه تحول رمضان إلى مدرسة اقتصادية تعلم الفرد أسس الاستهلاك المنظم والادخار وتحديد الاحتياجات والأولويات حسب أعداد الأسرة واتباع سلوكيات منهجية عند الشراء والانتقاء وارتياد الأسواق المناسبة لدخلها .
والمتتبع لرمضان يلاحظ غياب الازدحام ومعه زيادة الطلب والشراهة على الشراء كالعادة في مطلع الشهر، ونجم عن ذلك استهلاك متوازن الى حد ما بعيداً عن التبذير والإسراف وتجنّب العشوائية وتقليد الآخرين في الشراء وفي تخزين المأكولات والسلع الغذائية، مما جعل الأسعار طبيعية بل مستقرة ومنطقية.
الجانب الثاني والمهم أننا لأول مرة نجد مهرجانات التسوّق تعمّ كل المحافظات ودون استثناء وعلى مدار كامل الشهر وحتى أيام العيد.. وهذه المرة بالفعل تختلف عن غيرها لأنها تحقق أهدافها في فكرة البيع من المنتج والمستورد الى المستهلك مباشرة عبر غرف التجارة والصناعة من جهة وعبر دور لمؤسسات التدخل الايجابي ملموس وواضح -من جهة ثانية- مستفيدة من الخط الائتماني الإيراني رقم 2 لتوفير مجموعة سلع أساسية وبأسعار منافسة فعلا ..
وهذان الجانبان السلوكيان الاجتماعي والاقتصادي إنما انعكاساً ايجابياً على تعزيز قوة السلعة الوطنية لتعود كما كانت خصوصاً وأن ذلك ترافق مع موسم زراعي ممتاز تزامن مع عودة ملموسة لشركاتنا الإنتاجية الغذائية..
وطالما نحن في بداية الموسم الرمضاني فإن ذلك يفتح آفاقاً لنعيد التفكير بآليات الاقتصاد بدءاً من أجندة المستوردات حيث تبلور ذلك في سياسة معلنة للتجارة الخارجية، ومروراً بدعم الإنتاج وتوسيعه وانتهاء بتنظيم الأسواق ومهرجانات التسوق وإعادة رسم خريطتها حسب الكثافة السكانية وهذه محصلة رائعة ليصبح لدينا ثقافة جديدة تزيد العرض وتنوعه وبذات الوقت تحاكي السلع والحاجات لكل موسم في موسمه لمنع الاختناقات وزيادة الأسعار المبالغ بها وتحقيق التوازن والاستقرار..وهذا مانتمناه.