ثمة من يطالب بمحاكمة أشخاص بتهمة خدش الحياء العام على تصرفات صغيرة بالكاد تترك أثراً, لكن حماة الحياء العام في بلادنا العربية أكثر من الناس العاديين, ما يدفع للتساؤل: هل بقي في الحياء العام موقع لم يقتلوه؟! المنافقون.. الكاذبون.. الفاسدون.. الفاسقون.. المدّعون.. الزائفون.. الزاحفون.. ماسحو الأجواخ والأحذية, لاعقو مجالس السادة الكبار... مسوّقو التفاهة والضحالة.. مروّجو التنجيم والريجيم.. (دافِشو) الصغار لملء مجالس العلم والعمل.. ألم يمزقوا الحياء العام؟!
ينتشر تيار فني في العالم يسمي نفسه تيار الطليعة, جاء على أنقاض الدادائية, يسوّق القبح والبشاعة والاشمئزاز على أنها عبقرية, يستخدمون الجثث والفضلات وماء المشرحة مواداً خام لأعمالهم الفنية. لم أتخيل يوماً أن تصل عدوى هذا التيار إلى بلدي, فإذا بأرضها تتحول إلى معرض للجثث والأشلاء والدم والرعب, وفي الهواء الطلق!
هل سيغدو القبر الفردي ترفاً في وطني.. وقد وحّدتنا الآلام في قبر جماعي!؟
ما يجري اليوم لم ينبثق بيننا فجأة, ثمة أرتال من كائنات (خلدية: نسبة للخلد) كانت تحفر تحت أقدامنا, بينما كنا مشغولين بملاحقة الأقلام وما تسطّر, والأفكار التي تحاول إشعال شمعة في الطريق, وإطفائها خشية نور يكشف عوراتنا.. متجاهلين خطراً يُنسج في الظلام!
هل تغيّر أسلوبنا بعد ذلك كلّه؟!
suzan_ib@yahoo.com