ورغم أن التوقعات استبعدت حتى صدور بيان ختامي، فإن ذلك البيان جاء هادئاً مخالفاً لجميع التوقعات، فهل يعني ذلك تغيراً وتبدلاً حقيقيين على مستوى العلاقات الاقتصادية أولاً، وبالتالي على مستوى العلاقات السياسية المتوترة ثانياً؟
لقد كانت مجريات القمة وفصولها وما نقلته الصور الفوتوغرافية والتلفزيونية كفيلة بالحديث عن الحقيقة التي حكمت لقاءاتها، وحددت مستقبل العلاقات الدولية، فالصورة التذكارية أوحت بمدى حجم التمدد الأميركي المستمر، إذ إن وجود محمد بن سلمان إلى جانب الرئيس دونالد ترامب ورئيس الوزراء الياباني إنزو آبي والتساوي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعني أن الإدارة الأميركية ما زالت مستمرة في سياستها المتسلطة المتغاضية عن الاتهامات الرسمية الأميركية للسعودية في انتهاكاتها لحقوق الإنسان ودور ابن سلمان فيها، ليزيد فوق ذلك في تصريحاته التي تتحدث عن العلاقة الممتازة مع السعودية واصفاً إياها بالشريك الأكبر مع بلاده.
وتبقى القمم الأميركية الثنائية مع كل من روسيا والصين وتركيا محددات أخرى لمستقبل العلاقات الثنائية وما ستتركه من تأثير في العلاقات الدولية، فالخلاف مع تركيا بشأن صفقة الصواريخ الروسية إس ٤٠٠ تم تبريره من جانب ترامب شخصياً، لتنتهي هذه الأزمة خلافاً لموقف البنتاغون، وبالتالي تحقيق انفراج بسيط في العلاقات مع روسيا.
وبالنسبة للصين فقد كان الانفراج الشكلي في السماح للشركات الأميركية بمعاودة التواصل مع شركة هاواوي الصينية مع الإبقاء على الرسوم الجمركية المفروضة سابقاً على البضائع الصينية.
فترامب أعطى وعوداً وأحاديث شكلانية محتفظاً بجوهر الإجراءات والقرارات التي تعكس حقيقة المضي في سياسة محاولة السيطرة على كل مقدرات الاقتصاد العالمي، والتحكم في مسارات السياسة الدولية.
وفي النهاية فإن ترامب قد خرج بأكبر قدر ممكن من النجاحات ليعقد أطول مؤتمر صحفي خلال فترة رئاسته الحالية لنحو خمس وسبعين دقيقة مغادراً إلى كوريا بلقاء حميمي مع الرئيس كيم جونغ أون، ليؤكد مجدداً استمرار العقوبات الأميركية على كوريا الديمقراطية، ما يعني أن السياسة الأميركية ستمضي وفق برنامجها وأجندتها ومنها سورية، إذ تم الطلب إلى الرئيس بوتين عدم القيام بعملية عسكرية واسعة في إدلب ، وكرر أمام أردوغان عدم محو الكرد على الحدود وفق تعبيره، فالأيام القادمة ستأتي محملة بالأبعاد العدوانية لواشنطن، وهو ما ستكون سورية متيقظة له على جميع المستويات.