فقضية المتاجرة الإسرائيلية بجثامين الشهداء الفلسطينيين لم تعد حكرا على تقارير دولية ولا على شهادات الفلسطينيين فحسب، بل تعدتها لتصل إلى تقارير إسرائيلية تقر وتعترف بممارسة قوات الاحتلال لذلك بشكل منظم عبر عشرات السنوات الماضية، شكلت لها لجان خاصة وسمي لها مسؤولون ومتابعون.
وإذا كانت هذه الجريمة التي تقترفها إسرائيل تضاف إلى سجل متخم بالجرائم, ثمة أسئلة بات من الصعب تجاهلها حول حقائق الممارسة الإسرائيلية لتلك الجرائم، وسط حديث متزايد ودعوات جدية لمحاسبة إسرائيل على تلك الجرائم.
وبالتالي من المهم التعاطي معها بكثير من الجدية، نظرا للخطورة التي تنطوي عليها من جهة، ولمدى بشاعتها من جهة ثانية، وما تمثله من خرق فاضح وممارسات غير أخلاقية على كل المستويات من جهة ثالثة.
ومثلما وصلت جرائم الحرب الإسرائيلية إلى تقرير غولدستون وغيره وصولا إلى المحاكم في كثير من الدول، فإنه من المتاح عمليا ان تصل تلك الجرائم إلى حيث وصلت سابقاتها، وإدراجها بالتالي على سلم أولويات المتابعة في المحافل الدولية .
فالواضح حتى اليوم أن إسرائيل لم تترك جريمة إلا وأقدمت عليها متسترة بدعم لا محدود من الإعلام الغربي والسياسات التي واظبت على إحكام إغلاق منافذ الرؤية الإعلامية فاقترفت إسرائيل ما اقترفته دون ان يترك في حينه أي دليل، وإذا وجد الدليل لم يكن هناك من لديه الاستعداد لسماعه أو رؤيته.
ومع المتغيرات الحاصلة تبدو جردة الحساب مع الجرائم الإسرائيلية وقد وصلت إلى الأضواء والمنابر العالمية بأشكالها وصورها المختلفة ما يتيح متابعتها وصولا إلى محاكمة المسؤولين عنها، ويبدو أن ما يماط اللثام عنه بالتتالي سيضيف الكثير من القرائن المهمة التي تجعل الصورة أكثر وضوحا.
ما يلفت الانتباه أن الصورة النمطية التي تشكلت في الذهن الغربي عن إسرائيل بدأت تتساقط تباعا وما كان يسوق عنها ثمة عشرات علامات الاستفهام ترسم حوله, والأمر لا يقتصر على الملاحقات القضائية للمسؤولين الإسرائيليين في أكثر من عاصمة أوروبية، بل أيضا في سياق الصورة التي ارتسمت في الوجدان الأوروبي والتي اهتزت بوضوح وباتت عرضة لمزيد من الانكسار.
a-k-67@maktoob.com