تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


ومع ذلك .. فإنها !!

معاً على الطريق
الثلاثاء 17-3-2015
خالد الأشهب

ومع ذلك .. المعركة الفاصلة ليست هناك, ليست على الجغرافيا السوراقية ولا على أي جغرافيا غيرها , ميدان المعركة الفاصلة هنا ... داخل هذا الصندوق الأشعث, القابع على جسد كل منا, في الدماغ الغادي الآتي مع كل منا كل لحظة .. في عقولنا !

قبل حوالي خمسمئة عام من اليوم, وحين فاضلت محاكم التفتيش غاليليو بين حياته ويقينه بدوران الأرض , أنكر الرجل يقينه ونجا, وما من أحد يستطيع المزايدة بالثوابت والقيم لحظة يكون الثمن إزهاق روح بضربة سيف أعمى أو فوق كومة حطب مشتعل . غادر غاليليو خيار الموت المجاني ومعه روحه, لكنه تمتم وبيقين ... « ومع ذلك فإنها تدور « !!‏

ومع أن إرهاب « محاكم التفتيش « العمياء, الذي يلاحقنا اليوم في سورية والعراق يقتلنا حتى قبل أن يسألنا أو يساومنا على إنكار يقيننا, ومع أن السوريين والعراقيين يبلون حسناً, على طريقة لغة التوصيف السياسية المهذبة, في الدفاع عن أوطانهم وحيواتهم ومصائرهم في مواجهة هذا الإرهاب رغم كل الدماء والخراب الذي ألحقه بنا, إلا أن معركتنا الفاصلة معه ليست على هذه الجغرافيا الممتدة بين بلدينا ولا هي في مدننا وقرانا وشوارعنا, بل هي في التربة التي تنتج وتعيد إنتاج هذا الإرهاب بين كل حين وحين .. ممتداً بين ظهرانينا وداخل عقولنا فكراً شوفينياً وثقافة أحادية عمياء وحضانة ممرضة ؟‏

ليست الجغرافيا من يتحكم بانتشار المرض العقلي امتداداً أو انحساراً, بل العقل هو من ينشر أمراضه إلى كل جغرافيا تحضنه وتمده بأسباب العيش والنماء, وإذا كان استصلاح الجغرافيا تلك يستدعي اليوم « تعشيبها « من كل عشب ضار وسام نما وتطاول فوقها خلسة أو جهاراً كما يجري اليوم على أرض البادية السوراقية .. فإن استصلاح هذه الجغرافيا وتنظيفها نهائياً وأبداً يستدعي بالضرورة إهلاك الحواضن والبذور المدفونة تحت طبقة رقيقة من ترابها, والتي لا تلبث حيناً حتى تعاود نشاطها في الظهور إلى مالا فوق السطح !‏

ثمة عقل ينبغي تنظيفه بهذه الطريقة المجازية, وثمة أفكار وثقافات ومعارف متراكمة وحاضنة ينبغي إهلاكها وتحويلها إلى مستحاثات ولقى أثرية في متاحف التاريخ وعصور الانحطاط .. وإلا فإننا نحرث في ماء عباب !‏

ثمة وحش ثقافي معرفي يتجول معنا وبيننا, يأسرنا ويمعن في تدميرنا من الداخل, أو يدفعنا ويوجهنا إلى تدمير الآخرين .. وبما يحرضهم بالمقابل على تدميرنا , ينبغي تحنيطه وإدخاله المتحف عنوة, ينبغي أسره والتحرر منه وتحطيم قيوده . وحش لا سبيل إلى تكسير سيوفه أو بعثرة حرائقه المشتعلة تحتنا, ولا إلى مهادنته بمحاولات الإصلاح والتقويم المجانية والعقيمة, ولا إلى مساومته على يقيننا الوطني والأخلاقي والإنساني, فإن لم نفعل سنظل ندفع ضرائب الدم والخراب بين زمن وآخر , وسنظل ننقل طاعوننا إلى العالم عبر الجرذان المتسللة إلى سفن رحيلنا !!‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 خالد الأشهب
خالد الأشهب

القراءات: 2201
القراءات: 2102
القراءات: 2524
القراءات: 2481
القراءات: 2255
القراءات: 2623
القراءات: 2569
القراءات: 2504
القراءات: 2274
القراءات: 2598
القراءات: 2809
القراءات: 2701
القراءات: 2402
القراءات: 2862
القراءات: 2930
القراءات: 3012
القراءات: 2794
القراءات: 3170
القراءات: 3122
القراءات: 3227
القراءات: 2625
القراءات: 3093
القراءات: 3580
القراءات: 3342
القراءات: 3399

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية