تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


تسويف تجريبي ..!!

الافتتاحية
الأحد 4-10-2015
بقلم رئيس التحرير: علي قاسم

لا تستقر المواقف الأميركية ومعها بالطبع الغربية على قرار، ولا تكاد تعلن تموضعها المؤقت حتى تعاود التحرك بعيداً عنه أو الانقلاب عليه، قبل أن تبدأ مفاعيله على الأرض، والحال لا يختلف في سلسلة المقاربات الأميركية منذ بدء العمليات الروسية ضدّ داعش والتنظيمات الإرهابية في سورية،

ولا تؤشر المعطيات إلى أنها ستستقر على حال، وإنما تغلب عليها صفة التجريب القابل للتبديل أو التعديل والمواءمة أو السحب من التداول.‏

فإذا كانت القراءة الأولية تشي بأن أميركا عجزت حتى اللحظة عن رسم حيّز سياسي لها وسط هذه التطورات بحدوده الدنيا وسقوفه العليا، فإن ما تسربه الأروقة الغربية يطرح ما هو أبعد من ذلك، حين تعتقد إلى حدّ الجزم بأن السبب في جوهره يعود إلى أن التحرك الروسي لا يتوقف عند حدّ، وأن الخطوات التي أقدمت عليها موسكو كانت مفاجئة.. ولم تكن محسوبة في القراءة الغربية، حيث تستفيق أميركا وأدواتها كل يوم على ما هو جديد، فالتطورات تطوي مواقف الأمس وأحياناً تتجاوزها.‏

مع ذلك فإن الأمور لا تقاس بهذه البساطة، وليست بهذا التجريد، بل هي أعقد من ذلك بكثير، وتحمل في طياتها ملامح جدية روسية كافية للإدراك بأن المسألة ليست للدعاية السياسية، ولا تدخل في إطار «البروباغندا» المفترضة غربياً، وهي تتعاطى مع الوقائع من سياق المواجهة مع الإرهاب، وكما واجهت سورية الإرهاب على مدى سنوات خَلَت عن العالم، فإن روسيا تحاربه اليوم مع سورية أيضاً نيابة عن العالم وأمنه واستقراره.‏

ضمن هذه المقاربة لا أحد لديه القدرة على الجزم بأن المواقف الغربية يمكن أن تستقر على حال، أو تبدي وضوحاً في أي خطوة يمكن أن تُقدم عليها واشنطن وأدواتها في المنطقة، فما يجري خلف الكواليس هو أبعد بكثير مما تعلنه أمام المنابر وفي العلن، بدليل أن الخيارات الأميركية، التي تتحرك في الزوايا الخلفية، هي غيرها تلك التي تظهرها، والتناقض في المواقف وتحريكها من اليمين إلى اليسار، ودون المرور في الوسط له غاياته وأهدافه، وهو ليس ناتجاً فقط عن عنصر المفاجأة، ولا عن الاندفاعة الروسية غير المتوقعة غربياً، بل يترجم أفقاً ملتبساً بدأت التسريبات له من قبل بعض الأدوات الأميركية في المنطقة كحالة ترويج للخطوات الأميركية الجوابية المقبلة.‏

فالتعمّد في سياق الترويج لحالة الارتباك يخفي خلفه أجندة كاملة، قد تقدّم على الأقل تفسيراً جزئياً لحالة الدوران في المواقف الأميركية، في حين لا يعدو التصريح الصاخب المرافق من هنا أو هناك كونه نفخاً في قربة مثقوبة، لا طائل منه ولا هدف سوى إثارة الغبار في معارك افتراضية ترفيهية، لا أحد يمتلك الوقت ولا الرغبة في الردّ عليها.‏

الأهم ما يجري على الأرض، وقد استطاعت الخطوات الروسية أن تحقق فرقاً تكفلت التنظيمات الإرهابية وأدواتها وأذرعها في المنطقة بالحديث عنه بعد أن تكتمت الإدارة الأميركية وشركاؤها عليه، فتحضر الأسئلة المؤجلة والإجابات المركونة خارج سياق الحديث المتداول، لتضغط على الخطاب الغربي بقوة، وسط تكهنات واستنتاجات لا تخفي خشيتها وعوامل قلقها من استمرار انكشاف ما أخفته طوال عام ونيّف من التحالف الأميركي، والأخطر أن تتدحرج الكرة لتكشف ما هو أبعد من ذلك.‏

ورغم أن المشهد وتطوراته لا يزال في طوره الأولي، وأقرب إلى التمهيد منه إلى الجوهر الفعلي للخطوات القادمة، حيث الحراك الروسي الذي برز حتى اللحظة قد لا يعدو كونه اختباراً أولياً لملامح حراك لن يتوقف عند حدود النتائج، التي برزت حتى الآن، بقدر ما ستكون له خطوات لاحقة أكثر فاعلية، وهذا ما يمكن تلمّسه في سياق التدرج الذي تتسم به الخطوات الروسية.‏

الواضح أن سياق تصاعد الخطوات الروسية ستقابله بالضرورة تدرجات متفاوتة لن تقتصر على مداورة في المواقف وتذبذب في التصريحات، بل ستذهب أبعد في استدراج نماذج نفاق وتسويف أميركية إضافية بعضها مُجرّب، وبعضها الآخر قيد التجريب، وثالث لا يزال في طور الإعداد بانتظار لحظة الاختبار القادمة ..!!‏

a.ka667@yahoo.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 علي قاسم
علي قاسم

القراءات: 7091
القراءات: 1010
القراءات: 1169
القراءات: 955
القراءات: 956
القراءات: 943
القراءات: 1074
القراءات: 905
القراءات: 844
القراءات: 941
القراءات: 990
القراءات: 875
القراءات: 813
القراءات: 864
القراءات: 1068
القراءات: 947
القراءات: 766
القراءات: 954
القراءات: 975
القراءات: 1036
القراءات: 991
القراءات: 869
القراءات: 1039
القراءات: 948
القراءات: 1079

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية