| عيني على الرقابات لما تتقابل أبجد هوز فقد ورد إلى المكتوبجي في تشرين الثاني سنة 1917 تقرير صحفي يزيد حجمه عن ثلاثين صفحة يتحدث عن الثورة البلشفية,فأخرج صاحبنا (الكزلك)وركزه على عينيه,ووضع أمامه لائحة الممنوعات فوجد ما يلي: إن الكلمات والمصطلحات التي من قبيل اشتراكية, وثورة, وإضراب, وعصيان, وعدالة, وليبرالية, وديمقراطية, وفلسفة, ونهلستية, ومستقبل,وإطلاق نار, وحرق دواليب, وبرلمان, وفوضى, واستفزاز, كمائن, ومعارضة, كلها ممنوعة..فأخذ يشطب كلمة من هنا وجملة من هناك ويستبدل عبارة بأخرى, ثم ينظر إليها فيجد أنها لا تزال مريبة فيعاود الشطب والاستبدال..حتى بقيت معه في المحصلة جملة واحدة نشرتها الصحف العثمانية في اليوم التالي وهي:حصلت أمس خناقة في موسكو! قلت لأبي الجود: ولكن الرقابات العربية تطورت كثيرا منذ ذلك التاريخ, وأصبحت أكثر طرافة وتعقيدا,وثمة نوع جديد من الرقابة لا يخطر ببالك يا أخي أبا الجود ولا ببال غيرك من البشر, وهو أن إحدى الرقابات العربية العتيدة تلقت انتقادا على جهلها وتخلفها من أحد الكتاب, فما عادت تراقب أعماله التي تمر عليها, بل أصبحت تراقب اسمه, وتعرقل كل ما يقدم إليها من طرفه حتى ولو كان يتحدث عن الخياطة والتفصيل وقلي الكبب وبوطرة الزيتون وتسمين العجول زاعمين أنه يقصد كلمة أخرى غير كلمة (تسمين)!. merdas@scs-net.org
|
|