ولم تكد تنته حفلات الندب على الذات, تلك التي راجت في المشهد الثقافي العربي منذ عقد ونيف, حتى ابتكرت العبقريات الفذة في مؤسساتنا الثقافية نظريات كلفت نفسها بتنفيذها حتى تكون لها مساهمتها الكبرى في (تقدم وتطور المجتمع والثقافة العربية).
فمثلا ما هي نظرية المديرية العامة للآثار والمتاحف في مكافحة التعلق بالماضي?
إذا لم يكن باستطاعتها إرباك عمل البعثات الأثرية الأجنبية التي تقوم بإخراج ماضينا السحيق من أعماق الأرض وتضعه أمامنا.
فهل تستطيع إغلاق المتاحف حتى لا يغرق المواطنون في تأمل تاريخهم?
ربما يمكنها تهميش الكفاءات العلمية الشابة, على أمل أن يبحثوا عن رزقهم في مكان أكثر قربا من الحياة اليومية بدلا من انشغالهم بالماضي.
لكن ما أثبت استمراره من جهود المديرية العامة للآثار والمتاحف في مكافحة التعلق بالماضي هو مواصلة وقف إصدار المطبوعات التي تضع المواطن على مقربة مما يجري تحت أقدامه.
(الحوليات الأثرية) هذه المطبوعة التي بدأت بالصدور قبل أكثر من نصف قرن متوقفة عن الصدور منذ خمس سنوات 2003 أما دورية الوقائع الأثرية فهي الأخرى محجوبة منذ العام .1998
وغياب هذه الدوريات التي توثق وترصد عمل وإنجاز مديرية الآثار ربما يشير إلى أن المديرية نجحت في عدم إلهاء المواطن بالماضي, فهل تكون الخطوة التالية إغلاق المتاحف, وبالتالي تسجل سبقا عالميا في أساليب مقاومة قوة الماضي بمكافحته.