أكبر الحروب لا تقوم ولم تقم إلا بتمهيد إعلامي كبير ثم يأتي دور الصواريخ والإعلامي الحق بمثابة ترسانة لأنه يخلق قناعات ويغير قناعات وهذه تغير مصائر هذا حيثما تكون للقناعات والرأي قيمة تصرف.
هذه المقدمة للمسؤولين عندنا, كنت أضحك عندما أسمع مسؤولا يتهجم على إعلامنا, أنتم من أراد للإعلامي أن يكون مجرد ناقل للخبر, أما أن يعلق على الخبر ويضيء جوانبه ويعطيكم رؤية قد تساعدكم في اتخاذ القرار الصحيح, فهذا كنتم دائماً في غنى عنه.
لهذا كنت غالبا ما أصطدم مع أي مسؤول يأتي ليلتقي معنا, وحين يحصل اصطدام يكون التصويج والدهان على حسابي, ومنذها لم أعد أحضر لقاء أي مسؤول, وعلى سيرة الاصطدام, أحدهم فات بحزب, راحت واجهته.
قلت مرة: أنا من أشد المطالبين باستيعاب العاطلين عن العمل وخلق فرص لهم, لكن ليست المؤسسات الإعلامية هي المستودع المناسب.
في التلفزيون ثمة رقم مدهش لعدد العاملين, وهذا الكم يعرقل الشغل ويأخذ حقوق من يشتغل, وعدة مديرين تعاقبوا عندنا, وكل مدير يوظف مئة شخص حتى لم يعد يجد المحرر مكانا ليجلس, إحداهن سألتني: هل حضرتك تشتغل عندنا? قلت لها: أنا لا أشتغل عندك مع الأسف, أنا مجرد ضيف أو عابر سبيل.
خطوة جريئة ستتخذها وزارة الإعلام بالاستغناء عن عدد كبير في التلفزيون, وجل ما نخشاه أن تتشكل لجان الخبرة من هؤلاء الذين تصلهم مخصصاتهم وهم في البيت ويتم الاستغناء عمن بقي من الكفاءات الحقيقية.
رغم هذا اعتبر الإعلام عملا فعالا, فكل الذين هاجمتهم أو شتمتهم, تمت ترقيتهم أو نقلهم إلى مكان أفضل, حتى أن أحد الزملاء وقد أصبح مديرا, كلما صادفني طلب مني بإلحاح أن أشتمه لعله يترقى, فقلت له: والله إذا لم تحقق لي مطالبي فلن ترى شتيمة واحدة.