وصولاً لدخولها في صراعات ونزاعات وانقسامات جانبية تأتي على الأخضر واليابس فيها! إن طرح هذه الحزمة من الأسئلة بات مسألة غاية في الأهمية خاصة وأننا نشهد عملية تخريب وتدمير ذاتي في أكثر من بلد عربي، وبأيدي أبنائه مع التأكيد على العناصر والعوامل الخارجية المساهمة في ذلك وبشكل واضح وجلي دون أي لبس!!
إن النظر إلى ما تشهده المنطقة من أحداث صعبة وتحولات مهمة في بنية الدولة العربية وطبيعتها وهويتها واستقرارها دونما الإشارة إلى دور الكيان الصهيوني وقوى الغرب الاستعماري، يعكس قصوراً أو تجاهلاً متعمداً لفهم ما يحصل ومحاولة مفضوحة للتّستر على الفاعلين الأساسيين واللاعبين الحقيقين وراء كل ما يجري. من هنا تأتي أهمية تسليط الضوء على دور هذا الكيان ومن خلفه الولايات المتحدة الأمريكية في عملية التخريب والتدمير الممنهج الذي تتعرض له الدولة الوطنية من خلال تفتيت مجتمعاتها.
وبالعودة لتاريخ نشأة هذا الكيان واستزراعه نجد أنه لم يترك فرصة واحدة لدولة عربية سواء كانت متاخمة لفلسطين أو بعيدة عنها إلا وسعى وعمل وخطط لضربها واستهدافها بكل أشكال الاستهداف، سواء العسكري أم الاقتصادي أم القيام بعمليات تخريب وضرب لاستقرارها أم تحريض قوى خارجية للعدوان عليها ومحاصرتها سياسياً واقتصادياً بهدف إضعافها أو تركيعها، هذه الاستراتيجية الصهيونية تؤكدها كل مسارات الصراع والمواجهة معه ومع حماته وداعميه وحاضنيه من قوى استعمارية تقليدية وغير تقليدية، ولعل الأمثلة الحيّة كثيرة في هذا الشأن فاستهداف سورية منذ خمسينيات القرن الماضي من قوى غربية وشنّ أكثر من عدوان عليها، وكذلك الأمر بالنسبة لمصر والعراق والجزائر وليبيا والسودان ولبنان وإن كان بدرجة أقل بالنسبة لبعضها إلا أن القاسم المشترك بينها كلها هو أن أي دولة عربية تسعى لبناء قوتها الذاتية وتتبع سياسة تنموية وتعزز من بنيتها الوطنية وتتحرر من محاولات الاستلاب السياسي وتمارس استقلالها الحقيقي وسيادتها الفعلية فإنها تصبح بشكل تلقائي في دائرة الاستهداف المباشر من الكيان الصهيوني والقوى الاستعمارية الغربية، أو يسند هذا الدور لعملائها وأدواتها في المنطقة لا بل إن بعض هؤلاء الوكلاء العملاء يلعبون دوراً أكثر قذارة من مشغليهم في تلك البلدان.
إن استيراد كيانات هزيلة وضعيفة عبر تفتيت الدولة الوطنية العربية إن لم نقل القطرية بات سياسة مكشوفة تشهدها الساحة العربية، فليس من قبيل المصادفة أن يكون كل هذا الاستيقاظ المجنون للتيارات والقوى الدينية الراديكالية المتطرفة والظلامية لتفتك كل هذا الفتك بمجتمعاتنا ودولنا وتمعن قتلاً وتدميراً في أبنائها وبناها، كل ذلك يتم باسم الدين الإسلامي وهو منه براء والغريب أن كل ذلك الذي يحدث مع صمت ملتبس بل ومشجع يصل إلى درجة الشراكة من القوى الغربية التي طالما أشغلت العالم بحديثها المخادع عن خطر الإرهاب وضرورة التعاون الدولي في محاربته واجتثاثه من جذوره أو على الأقل تجفيف منابعه وتعقب داعميه، فالواضح عياناً أن ذلك لا يعدو كونه أزعومة وخداعاً وكذباً، فالخطاب الإإعلامي والسياسي شيء والسلوك العملي هو على النقيض من ذلك تماماً.
إن التوظيف السياسي للإرهاب والإرهابيين بات سياسة غربية مفضوحة، فإذا كان الهدف والمستهدف هو أنظمة سياسية لا ترضى عنها الولايات المتحدة الأمريكية أو الكيان الصهيوني فهي معارضة معتدلة يجب تسليحها ودعمها والطلب من الكونغرس نصف مليار لتسليحها. أما إذا كان المستهدف نظام يسير وفق الأجندة الأمريكية والصهيونية فذاك إرهاب يجب محاربته وتعقب فاعليه!! فيا لها من سخرية تلك التي نسمعها ونعيش أحد أهم فصولها.
إن النفاق الغربي وذلك الخطاب المزدوج والمتناقض الذي يتبناه الغرب الاستعماري يعكس غباءً سياسياً واستهتاراً بوعي الشعوب وعدم احترام للأيديولوجيا التي يطلقها في ادعائه الحرب على الإرهاب فالواقع أنه لا يحارب الإرهاب وإنما على النقيض من ذلك تماماً فهو يحارب بالإرهاب كل من يعارض مصالحه ويقف في وجه نزعته الكولونيالية الاستعمارية التي يسعى لاستعادتها بأدوات جديدة هي في حقيقتها حمى الاستعمار ونزواته التي يبدو أنها لم تغادر بعد مخيلته السياسية ورغباته المكبوتة فهي تطل في كل لحظة تاريخية يرى فيها ضعفاً في الآخر وفرصة يجب اقتناصها!!.
KHALAF.ALMUFTAH@GMAIL.COM