تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


صباحات مدينة ..!

معاً على الطريق
السبت 287-11-2009م
علي قاسم

تغريك صباحات العيد بكل ما هو جميل من أول كلمة تلي صباح الخير وربما بدءاً منها وصولا إلى آخر ما تحتويه تلك الصباحات، وحتى الشوارع والطرقات والأزقة والوجوه المتنقلة والمتدرجة في تعابيرها تغري بالتوقف والتمعن، وترسم اللوحة المنتظرة للمشهد البشري القادر على احتواء كل ما يطفح بها.

ويغريك أكثر الإمعان بصباحات مدينة نفضت عنها أيام العمل وسكنت إلى الاسترخاء المتأخر بعد يوم طويل ومتواصل وربما مستمر دون توقف، حيث تغيرت أثوابها وألوان الابتسامات فيها والتعابير الملتبسة واكتست حلة أخرى ربما مغايرة أو متجاوزة للمعتاد والمكرور.‏

مدينة عهدت كل فصول الحكاية الإنسانية ومدارج تبدلها وملامح التكوين الأولى لضحكات الأطفال وقهقهة اليافعين ورصانة البالغين وصمت التجربة وعبرتها التي تكتنزها نظرة الشيوخ والمسنين..مدينة تحاكي الآتي والماضي، وتناظر المستقبل والحاضر وتجمع في أزقتها وشوارعها وداخل بيوتها، وبين ردهات غرفها ذلك اللفيف من الأحلام والحكايات والقصص.‏

مدينة حين تنفض عن جفونها النعاس وهي التي غالبا ما اعتادت ألا تنام يكون لإشراقتها الصباحية طعمها الخاص، ولصباحات العيد فيها ملامحها التي تحاكي بها قصص وجودها الساحر، وترسم ريشة حلمها تضاريس الزمان المنسية وتلك الآتية ولو بعد حين.. هذه المدينة لا بد أن تغريك أكثر كلما تشعبت بك الطرقات واتسعت بك المساحات، وكلما سنحت لك الفرصة أن تغوص أعمق في مسامات تنفذ إلى حيث الروح تشرق معلنة حضورها الأخاذ.‏

وتحملك معها الدهشة إلى حيث تتشابك اليد مع اليد لترقب من هناك .. من ساحة البوح، تلك المساحات المتاحة للروح كي تمارس طقوسها الخاصة بعيدا عن روتين اعتادته، وعن ضجيج تعايشت معه لحد التمازج، فيولد هنا صخب جديد له رتابة مستساغة، وفيه الكثير من الشظايا التي لم تعد تمارس ضغطها المعهود على الذاكرة، ولا على المكان الذي تحتمي به، بل تسعى كي تكون الشكل الآخر من طقوس الحياة.‏

طقوس يمارسها الصغار يركن إليها الكبار تسوقها أحلامهم وأمنيات لاتزال ترسم صورتها الأولى، ولا تزال تحبو أولى خطواتها وتلك الوجوه القابضة على جمر حلمها تنساق في شريان الحياة دون أن تدع للهواجس وشماً أو أثراً.‏

صباحات ترسم ذلك اليقين بأن الغد وإشراقة الشمس تلي ذلك الهاجس المتلون من عتمة متبدلة، ولو اعتقد البعض أو توهم أنها قد تستمر، وأن ضياءها لا يزال يورق في الأفئدة ابتسامة الانتصار بعد هاجس الخوف وقلق اللانتصار، حيث ينهض الصباح متوثباً بعد أن يغسل الفجر بخيوطه الأولى موضع التعب والأرق الطويل ليبدأ من جديد دون توقف.‏

مشهد لم يكن الذهن بعيدا عنه، ولا هو خارج السياق الإنساني الذي يبنيه على مر السنوات والعصور.. يؤسس لحكاية بدأت ولم تنته، ولا يقدر لها أن تقف عند حدود زمن أو على عتبة موقف، بل هي تتحرك في الاتجاه الذي يضمن لها استمراريتها، فتكون مدينة الصباحات الجميلة وهي تغفو على ذاكرة الحلم ملونة بحكايا العيد ولو بدت مشاهدها متعبة أحيانا أو جافة في بعضها، لكنها تكفي لتقول كلمة وتمضي.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 علي قاسم
علي قاسم

القراءات: 7064
القراءات: 981
القراءات: 1138
القراءات: 927
القراءات: 930
القراءات: 915
القراءات: 1040
القراءات: 881
القراءات: 815
القراءات: 914
القراءات: 964
القراءات: 852
القراءات: 788
القراءات: 843
القراءات: 1042
القراءات: 919
القراءات: 736
القراءات: 925
القراءات: 947
القراءات: 1009
القراءات: 963
القراءات: 838
القراءات: 1011
القراءات: 922
القراءات: 1048

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية