تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


رخويات

من داخل الهامش
الأربعاء 11-3-2015
ديب علي حسن

ربما من باب الظلم والعسف للرخويات ان نشبه بها كائنات حية تدب على سطح الارض، وفي الظل والعلن، وتحسن الثرثرة بينما، هي الرخويات لا تدعي ذلك،

بل مسيرة بقواميس الطبيعة وحياتها، رخويات بشرية كتل هلامية، ما من وصف يليق بها ابدا الا انها في الدرك الاسفل من الدونية والغباء المطلق، كائنات امتهنت ان تكون مجرد ادوات، واي ادوات فلربما كانت الاداة مهما استعملت ذات فائدة يوما ما، لكنها هنا بمعنى اخر.‏

هل نصدق ونحن في القرن الحادي والعشرين ان ثمة من يدعي الثقافة والفكر وانه منوّر، يصول ويجول هنا وهناك، يبيع ويشتري ويتاجر بوطنه ومصيره، تراه يهرف بكل شيء وتظن انك امام عالم سوف يغير مجرى التاريخ و لكنك تفاجأ انه فعلا غيّر فعلا ومعه الاذناب -غيّر التاريخ بتدمير معالمه واجتثاث كل ما هو فوق الارض من صروح ومشيدات ومدن كانت منارات في تاريخ تطور الانسان وحضارته.‏

يهدم الماضي، ويقتلع الجذور التي ضربت عميقا في سرمديات الزمن، وبقيت دليلا على ان بيادر النور كانت من هنا، من هذا الشرق من بلاد الرافدين من الشام، والعراق ومصر، وهاهم يثأرون منها من تاريخها وحضارتها، وليس ما يجري من تدمير ومحو للذاكرة (احراق المكتبات، تدمير الاثار وجرف المدن الاثرية، نقل بعضها الى الخارج والى ما في القائمة) ليس الا استكمالا لحلقات اقتلاع الجذور، عبر تزوير التاريخ وما اكثر الوسائل، بدءا من الاسرائيليات التي غزت الفكر الديني المسيحي والاسلامي، وصولا الى ما نراه الان.‏

والعرب الاعراب نائمون في ضلال مبين، سكارى بالحور العين في بلاد اللحم الابيض، تركوا الارث الثقافي المخزون، لم يضيفوا اليه شيئا، وركنوا الذاكرة الى الشبكة العنكبوتية التي ستكون المحطة الاخيرة في تحويلهم الى اشنيات بلا جذور، وكائنات هلامية و لاتعرف شرقها من مغربها، فبعد اغتيال ذاكرة الورق والحجر والبشر لكل تاريخنا، سيتم تدمير كل ما ظننا اننا نحفظه في هذا العالم الافتراضي، سيدمر بكبسة زر، سيمحى ويرمى الى قعر عميق، ولن ينفع شيء بعدها، فتاريخنا مسح، وتراثنا صار نسيا منسيا، وما تباهينا انه مشاركة وصون على الشابكة هو بيد الاخر الذي اغتال كل ما هو نيّر في حضارتنا وتاريخنا، فاين المفر ؟‏

رخويات اليوم، ببساطة هي اكوام نفايات في الغد، ما يجري خطير للغاية، والصمت المريب الذي يلف من يدعون انهم مثقفون وفي العالم كله، صمتهم امام تدمير هذا الارث العظيم ليس الا مشاركة متعمدة به، واذا كان بعضهم يظن ان الدور لم ولن يأتي على تراثه فلينتظر العم سام وتبّعه فالامر مسألة وقت لا اكثر ولا اقل.‏

d.hasan09@gmail.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 ديب علي حسن
ديب علي حسن

القراءات: 753
القراءات: 758
القراءات: 784
القراءات: 673
القراءات: 689
القراءات: 773
القراءات: 838
القراءات: 781
القراءات: 654
القراءات: 855
القراءات: 756
القراءات: 732
القراءات: 721
القراءات: 740
القراءات: 723
القراءات: 674
القراءات: 836
القراءات: 695
القراءات: 768
القراءات: 743
القراءات: 811
القراءات: 777
القراءات: 802
القراءات: 721
القراءات: 768

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية