والتنفيذ على ارض الواقع إنما هو نتيجة خلل في الدواء الذي تم وصفه من قبل الدول الضامنة لما يجري في ادلب، ومن المؤكد أيضاً أن جميع المعطيات تشير الى أن عدم جدوى (الوصفة) تلك ليست ضعفاً من الجانب الروسي أو الإيراني، بل نتيجة تدليس في حالة التشخيص التي قدمها التركي وعليها كانت تلك الوصفة، ليكون الدواء (سيتامول) حسب التشخيص (الاردوغاني) فيما الداء عضال.
الداء عضال.. هذا ما أثبته بالأمس المدعو أبو محمد الجولاني متزعم جبهة النصرة الإرهابية بإعلانه أن فصيله -الذي يسيطر على الغالبية العظمى من ادلب - لن ينسحب من المنطقة المنزوعة السلاح كما تم الاتفاق عليه في (آستنة)، الأمر الذي سوف يحرج حليفه التركي ويضع داعمه الأساس رجب اردوغان في موقف لا يحسد عليه، علاقة بين الطرفين لا ندعيها، بل أكدها أيضا الجولاني بقوله:(لن نتموضع لا على طلب الأصدقاء ولا الأعداء)، ومن هناك أصدقاء له طلبوا الانسحاب والتموضع إلا التركي؟
من المؤكد أن حالة الانتظار لن تطول حتى يقتنع الإرهابي الجولاني بالانسحاب من المنطقة منزوعة السلاح بعمق 15 إلى 20 كيلومتراً، أو حتى يتمكن صديقه اردوغان من إقناعه بذلك، فالتجارب السابقة أكدت عدم رغبة النظام التركي بالتوصل إلى حل في ادلب، بل انه استخدم (آستنة وسوتشي) ورقة للمماطلة، ومطية لكسب المزيد من الوقت واحتلال الأراضي السورية، وللتمكن من أخذ مكان مرموق على خارطة الأزمة في سورية للحصول على اكبر كم ممكن من المكاسب اذا ما رحلت الأمور إلى خواتيمها.
إذا ما كان من لاعب تركي حقيقي في مواجهة الحكومة السورية والضامن الروسي والتركي، فالكرة الآن في ملعب التركي، وأعتقد أن ظروف المنطقة التي كان يستغلها التركي سابقا للمماطلة ليست كما يشتهيها الآن، وبأن حبال اردوغان الكثيرة تقطعت بفضل متغيرات الأحداث في سورية والمحيط، فلا مخارج للهروب من مستحقات (آستنة) الأخيرة، وأن خياراته باتت أمام احتمالين إما الالتزام بما جاء في البيان الختامي: (مواصلة التعاون بين جميع الأطراف من أجل القضاء على (تنظيم داعش) و(جبهة النصرة) وجميع الأطراف والكيانات المرتبطة بـ(تنظيم القاعدة) وبذلك يخسر ذراعه الإرهابية الطولى في سورية، أو يتجاهل تلك المقررات ويخرج من عباءة (الضامن).
Moon.eid70@gmail.com