وما كان يتضمنه من تخفيض للتصعيد في محافظة إدلب وتراجع المسلحين إلى ما بعد عشرين كيلومتراً من خطوط التماس وسحب الأسلحة الثقيلة والمتوسطة من أيدي المجموعات المسلحة التي وافقت على الدخول في مسار آستنة، وهنا كان الضامن لتنفيذ هذه الشروط هو الحكومة التركية باعتبارها ترتبط بعلاقات وطيدة مع تلك المجموعات.
واليوم نعود للتأكيد على ما تم التنصل من تنفيذه من جانب الضامن التركي المزعوم حين توقيع الاتفاق، فيما كانت تركيا نفسها من رعى حقيقة الانقلاب الشكلي في تسميات المجموعات المسلحة ومناطق سيطرتها على الأرض، فتم استبدال النصرة وهيئة تحرير الشام بالمجموعات التي كانت تتبع تركيا مباشرة، وهو الواقع الذي مازال مستمراً ولم يتغير، فتنظيم النصرة الإرهابي ما زال مسيطراً على أكثر من تسعين بالمئة من أراضي المحافظة الخضراء وبالتالي فإن تركيا لن تقدر على سحب الأسلحة الثقيلة والمتوسطة بذريعة أن النصرة لا تأتمر بأمرها، وذلك خلافاً للحقيقة والواقع، إذ أنه ما كان لهيئة تحرير الشام أن تدحر أحرار الشام وحركة نور الدين زنكي لولا وجود موافقة من جانب تركيا بهدف التنصل من اتفاق سوتشي الآنف الذكر .
وعلى الرغم من أن الجولة الثالث عشرة من آستنة أعادت إحياء اتفاق منطقة خفض التصعيد في إدلب فإن التوقعات لا تدعم إمكانية تطبيقه والتزام الجانب التركي بما يترتب عليه لأنه لم تحدث أي متغيرات على الأرض، فضلاً عما تقوم به تركيا ذاتها من جانب آخر من وجود غير شرعي لقواتها ومحاولات تغيير الديموغرافيا والمضي في الحديث عن وهم المنطقة الآمنة، وهي وقائع تحول دون وضع احتمالات إيجابية على المدى القريب، وهو ما يعني أن مشوار المواجهة مازال مفتوحاً أمام خيار المواجهة العسكرية، وقد يكون الموقف الدولي متأرجحاً فيما يتعلق بالمجموعات الإرهابية المسلحة، ففيما يؤكد السيد سيرغي لافروف أنه لا يمكن السكوت طويلاً على الوجود الإرهابي في إدلب دون حل، فإن الولايات المتحدة الأميركية والغرب الاستعماري وتركيا والرجعية الخليجية تعمل لدعم الإرهاب وتوظيفه في مهمات جديدة، ما يراكم مشكلات الحل السياسي الذي يتم الحديث عنه من جانب الأمم المتحدة ومبعوث أمينها العام إلى سورية غير بيدرسون.