تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


رمضان كريم

معاً على الطريق
الأربعاء 8-6-2016
أنيسة عبود

هاهو رمضان المبارك يدق بابنا..

من منا سيفتح الباب ؟‏

من منا لن يقف واجما» أمام هيبته وعظمته وحزنه ؟‏

هل تقدر أن تقابل رمضان دون أن تسأله عن حاله وأحوال الحارات التي مرّ بها وأحوال البلدان التي زارها ؟ هل يمكن ألا تبكي في حضرته وتشكو وتغرف دموعك في كفيك وتقول له :‏

يا سيدي ..متى الخلاص ؟ متى تعمّ الرأفة ؟‏

قد يظل رمضان واقفا» واجما» ينظر إلى بيتك المجرّح بالحزن ..وإلى نوافذه المهمومة بالهجران ؟ قد يسألك بعد صمت طويل ( أين الأولاد ) ؟‏

كيف ستخبره بأنهم استشهدوا ؟ وأنك تعيش على رائحة قمصانهم؟ .كيف ستحكي له حكاية أختك التي سبوها ..وزوجتك التي استشهدت وهي نائمة وفي حضنها رضيعها . أيعقل ان يزورك رمضان ولا تخبره عن أخيك المخطوف منذ أربعة ( رمضانات مضت ) ولا تعرف إن كان ما زال حياً أو ميتاً ؟‏

لكن انتبه..خبّره بهدوء ..فهو شهر الرحمة .لذلك لا يقدر أن يتحمل كل هذه القصص المؤلمة العنيفة.‏

حدثه مثلاً عن اعتداء المجرمين في جبلة الذي راح ضحيته المئات.. مع ذلك جبلة تستعد لاستقباله بكل الصبر والفرح ..صحيح أن عائلات بكاملها استشهدت.. وان أمهات كثيرات لم يبق من أسرهن أحد لكنهن مثل أمهات حلب الصابرات ومثل أمهات الفوعة وكفريا ونبل والزهراء. ومثل القانعات المقهورات في دير الزور ودرعا وباقي البلاد يتهيأن لاستقبال الضيف الجديد بحيث يصنعن الحلوى وينذرن أنفسهن للصبر والصلاة والصوم.. ويرفعن أيديهن إلى الله كي تعبر المحنة وتزول غيوم السواد عن رؤوس العباد.‏

غير أنك قد تصاب بنوبة بكاء تمنعك عن الكلام.. لأنك سترى رمضان هذا العام غير رمضان العام الماضي.. وقد يخطر ببالك تمسك به.. وتقول له انظر.. إن عشرات الآلاف من الضحايا بين رمضان الماضي والحاضر.. فتلوح أمامك وجوه كنت منذ أيام تشرب القهوة معها.. ومنذ شهور كنت تزورها.. وربما منذ رمضان قريب كنت تخطط لمستقبل جديد معها.. غير أنك قد تنقلب فجأة من شدة الفجيعة بأخوة لك في الوطن والمواطنة فتصرخ وتغلق الباب وتعبر عن شكوك تتسرب إلى قيمك ومبادئك، خاصة عندما تراقب فئة باغية من السوريين يعيشون على فتات الغرب وعلى عطاياه المأخوذة عنوة من آل سعود وآل النفط العربي الذي يتمتع به الخونة والمستعمرون بينما يجوع الصامدون في البلد ويقتل المدافعون عن الكرامة وعن سوريا المستقلة. هل هذه هي العدالة؟ وهل هذه هي الحرية ؟ لكن فجأة ستستغفر رب العالمين وتقنع بحكمته وعدالته وتقول : سامحني يا سيدي. فأنا إنسان والإنسان خطّاء ورب العالمين غفور رحيم.‏

ها أنت تعود إلى بهائك.. تفتح بابك بالمحبة.. وتدعو رمضان كي يفطر في بيتك.. ستعتذر منه لأنك لم تشتر تمراً ولم تدجج مائدتك بالدجاج والفاكهة.. فالحال ضيقة.. واليد قصيرة، وهنا ستتذكر الحرب الظالمة على وطنك وشعبك.. وستعود إلى حديث الحصار والقتل والسلاح الذي يهبط بالمظلات لقتلك.. وستتذكر ما قرأته عن إبادة الأتراك للأرمن.. وستقارن الحال الماضي بالحال الحاضر وما يفعله أردوغان الطاغية الجديد كي يبيد السوريين من كل الأجناس والأعراق فيسهل عليه احتلال سوريا وإكمال مشروع النهب والتدمير والقتل بالتعاون مع سادته الغربيين الذين أوجدوا داعش وهم من قبل أوجدوا القاعدة وزرعوا الصهاينة بأرض فلسطين.‏

سيفاجئك رمضان بصمته.. هو العارف بما يفعله آل النفط.. وما يفتيه مشايخ الفتنة والقتل.. وهو العالم بأساس وأصل فتاوى التكفير على يد الماسونية الصهيونية التي لبست لبوس الشيوخ المسلمين.. لكنك تتعب من صمت رمضان.. وتتساءل لماذا هذا الصمت ؟ ولماذا لا يتحرك أحرار العالم من أجل الدم السوري والعراقي واليمني والليبي وكل المظلومين في الأرض.. لماذا لا تهتز الأرض من كثرة الدماء.. ولماذا لا تحمرّ السماء؟‏

ها أنت على الباب..ورمضان على الباب.. بينك وبينه آلاف الفتاوى وآلاف الرؤوس المقطوعة وكتاب واحد فمن يقرأ ومن يحق له أن يؤول الكتاب ؟‏

ورمضان كريم للجميع.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 أنيسة عبود
أنيسة عبود

القراءات: 714
القراءات: 860
القراءات: 765
القراءات: 726
القراءات: 770
القراءات: 681
القراءات: 707
القراءات: 911
القراءات: 957
القراءات: 788
القراءات: 766
القراءات: 804
القراءات: 796
القراءات: 882
القراءات: 785
القراءات: 774
القراءات: 766
القراءات: 849
القراءات: 758
القراءات: 908
القراءات: 773
القراءات: 823
القراءات: 903
القراءات: 985
القراءات: 788

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية