تغدق من صاحب أكبر سجل إرهابي ودموي وإقراراً بحق لا يمتلكه , وهو في الأصل مع كل النسيج العنصري المشكل لكيانه غاصب له , وشهادة حسن سلوك تبرئهم جميعاً من كل ما فعلوه وارتكبوه حتى اليوم من جرائم في فلسطين والأرض العربية ?!
العشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والمعوقين من أبناء القطاع والضفة والأراضي الفلسطينية المحتلة العام 48 , الذين تعامل معهم الاحتلال الإسرائيلي وآلته العسكرية الأمريكية الصنع بلغة الحديد والنار , والقصف الهمجي الأعمى داخل المدن والمخيمات والقرى والتجمعات السكنية المختلفة , بقصد إيقاع أكبر الأرقام من الخسائر البشرية ودمر البيوت والمنازل ودور العبادة على رؤوسهم وبالآلاف , وأزال أحياء وقرى ومخيمات بالكامل وسواها بالأرض , أم للمجازر التي نفذها في صبرا وشاتيلا في اجتياح لبنان العام 82 وبعقيدة وعقلية عصابات شتيرن والهاغانا والاراغون , التي ينتمي إليها صاحبة الامتياز بارتكاب مذابح قبية ودير ياسين وبحر البقر , ألهذه الأفعال يوصف شارون اليوم بمحقق ( الوثبة العملاقة ) وبتعدي ما هو مطلوب منه في خارطة الطريق ?!
لقد مارست اسرائيل بدعم الولايات المتحدة وإداراتها المتعاقبة والحالية منها بخاصة وتحت مرأى ومسمع العالم سياسة الأرض المحروقة , والذبح والإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني الأعزل والقتل المبرمج لكل مقومات الحياة لديه , واقتلعت مئات الآلاف من أشجار الكرمة والزيتون والحمضيات , وصادرت مساحات واسعة من الأراضي وجرفت عشرات الآلاف من الدونمات لأسباب عسكرية واستيطانية وبهدف إضفاء الصبغة اليهودية عليها , واتبعت سياسة الحصار والتجويع والتجهيل وزجت بالآلاف من المعتقلين الفلسطينيين في غياهب السجون وأقامت الجدران العنصرية , في تحد لا سابقة له للقانون الدولي ولمواثيق وقرارات الأمم المتحدة عمره عقود وعناوينه عشرات القرارات , ومع ذلك نجد اليوم وللأسف الشديد من يشد على أيدي حكامها ويمنحهم ألقاباً غير مستحقة , تتنافى مع أبسط المبادىء والقيم والأخلاقيات ويستوجب أصحابها في أحسن الأحوال , الإدانة والشجب والمحاكمة كمجرمي حرب .
قد يكون للرئيس الأمريكي جورج بوش مسوغاته الشخصية الصرفة لأن يغدق على صاحبه الألقاب ويقول عنه بأنه ( رجل سلام) , لكن ليس من حق المنظمة الدولية ولا أمينها العام أو أي من ممثليه ومبعوثيه بحكم مواقعهم وصفتهم كأناس مؤتمنين على قضايا الأمن والسلام في العالم , الإطراء وكيل المديح والثناء على رجل لطالما تلوثت يديه بالدماء , وارتبط اسمه بالحروب والحرائق والعدوان والجريمة المنظمة , وشكل وما زال استعصاء حادا في وجه المجتمع الدولي ومؤسساته وتطبيق قراراته , بتعنته ورفضه المستمر للسلام والامتثال لاستحقاقاته وأخذه بخيار القوة وسيلة للإلغاء وإملاء منطق الاحتلال وثقافة الاستسلام , لا سيما وأن تجربة الأمم المتحدة ومؤسساتها وفي الطليعة مجلس الأمن, تجاه المنطقة والصراع والممتدة لستة عقود ليست بالطيبة ولا المشرفة , وما زالت محكومة بالفشل والقصور والعجز ومتهمة بالمحاباة لإسرائيل وتوفير الغطاء لاحتلالها وجرائمها في هذه المنطقة .
إخلاء غزة والخروج العسكري والاستيطاني من مستنقعها , ومن بين المليون ونصف المليون من أبنائها هذا العبء البشري الثقيل المقاوم , والذي يستنزف بتضحياته واستبساله قدرات إسرائيل , ومحاولة التعويض عن مستوطنات القطاع المنوي تدميرها بالكامل واستبدالها بأخرى أكبر تبتلع الضفة والقدس وتسقط حق العودة للاجئين , إجراء تكتيكي مناور ومحاولة التفاف وليس مشروع سلام يمكن أن يوضع في خانة ( المصداقية وحسن النوايا ) والتكفير عن الفظائع والأهوال المرتكبة لحكام تل أبيب .
ومن الطبيعي والحال هذه أن يضغط العالم بكل ثقله في اتجاه , عدم السماح لا لأميركا ولا لإسرائيل بتجيير مسألة الانكفاء عن القطاع , وجعلها إنجازاً أو انتصاراً واختزالا لقضية الصراع , والحد الأقصى لما يمكن أن يؤخذ من المعتدي أو البديل للسلام , الذي لا يتحقق بغير الانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة إلى ما وراء خطوط الرابع من حزيران العام ,67 والإقرار بالحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني .