أم فيما يتصل بمفهوم العدالة عند «المجتمع الدولي» والذي من المفترض أن يمثله هنا السيد أوكامبو والذي لم يصدر عن محكمته حتى الآن الا قرارات موجهة ضد الدول المستضعفة خاصة في افريقيا.
الاتهام الجديد الذي يأتي بعد اكثر من عام على اتهام مشابه ترافق مع مذكرة اعتقال بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية ، لايمكن الاستهانة بخطورته السياسية والقانونية، برغم تدني قيمته الاخلاقية ، ويمكن ان يكون بالفعل سيف ابتزاز يسلط ليس على الرئيس البشير وحسب ، وإنما على السلم الاهلي في السودان الشقيق ويذكي نار الفتنة ويدمر العملية السياسية بمساراتها كافة جنوبا وشرقا وفي المقدمة اقليم دارفور نفسه ، الذي لم يستطع السيد أوكامبو والقوى التي تحركه ، أن يقدموا له سوى مثل هذه القرارات الهدامة.
وإزاء هذا الاصرار من جانب اوكامبو ومحكمته على العبث بالشأن السوداني بحجة تطبيق العدالة ومعاقبة مرتكبي الجرائم ، لابد أن يتساءل كل مواطن عربي ومسلم أين هي عدالة أوكامبو ومحكمته ، وعدالة الغرب ، ازاء ماترتكبه اسرائيل بحق الفلسطينيين والعرب ، وماارتكبته الولايات المتحدة وحلفاؤها بحق العراقيين والافغان وغيرهم من الشعوب ، حيث ازهقت بحسب التقارير الغربية أرواح مئات آلاف البشر، دون ان يرف جفن لمحكمة أوكامبو بينما يتباكى اليوم على جرائم مزعومة في اقليم دارفور الذي اكدت تقارير دولية موثوقة ان ماجرى فيه لايعدو ان يكون نزاعاً قبليا على المرعى والارض ، سقط خلاله ضحايا من الطرفين ، وليس بأي حال نزاعا عرقيا او جرائم ابادة وتطهير عرقي كما تبث الدعاية المغرضة.
وفي المرتسمات العملية لهذا القرار سوف تكون مساهمته الرئيسة هي قطع الطريق امام جهود تبذلها الحكومة لتسوية قضية دارفور، وإفشال الوساطات القائمة حالياً لطي هذا الملف ،والتي تحظى برضى ومباركة المجتمع الاهلي في الاقليم بمختلف مكوناته ، فضلا عن ضرب العملية السياسية في مجمل السودان ودفع البلاد مجددا الى أتون التوتر والنزاعات بدل استثمار الجهود في اتمام التسويات وتحقيق التنمية.