مشهد سيتكرر كثيراً لحرب كانت منسية وأصبحت الآن ضرورية ومبررة لمكافحة مايسمى الارهاب، حرب صحا الشارع الامريكي على خسائرها وتكلفتها وبدأ يرفع شعار ( OUT) كما البريطاني وغيره من الدول المشاركة في الحرب.
خاطب أوباما جنوده ووعدهم بأنه لن يرسلهم للموت مالم يكن ذلك ضرورياً، فهل يستطيع تحقيق هذه المعادلة الصعبة؟!.
خلال الشهر الماضي وحده قتل 55 جندياً امريكياً بهجمات طالبان التي صعدت في أشهر عنوانها الدم وفي بلد لم يعرف تاريخه يوماً التسليم للغزاة. هي حرب لا أفق فيها لنصر ومع ذلك يرفض أوباما التخلي عنها رغم أنه ماعاد يثير حرج الكثير من الساسة والقادة في الناتو الحديث عن شبح هزيمة جيوشهم تزكي الغضب الشعبي وتفتح الذاكرة على شبح حرب فيتنام.
ولاشك أن القرار الذي سيتخذه أوباما لسياسة بلاده في أفغانستان وما يستتبع ذلك من تفاعل لشعبه مع ذلك القرار سيكون أهم قرار خلال رئاسته وتداعياته ستمتد إلى قضية اعادة انتخابه في 2012 ولذلك استمهل أوباما الاعلان عن استراتيجيته فيما يبدو انه يهرب من ضغوط طاقم حربي ورثه عن سلفه بوش لزيادة القوات إلى الدبلوماسية الناعمة التي تعتبر القاعدة العدو الرئيسي وإغراء حركة طالبان لتشارك في الحكم ومن ثم تحميل الجيش الافغاني مسؤولية الأمن؟!.
ولكن مهما كانت استراتيجية أوباما فإن الناتو بدأ يبحث الآن عن استراتيجية الخروج من المستنقع الافغاني سواء برفض ضغط واشنطن أم بالهروب إلى عقد مؤتمر دولي دعت إليه ألمانيا وفرنسا.
سيناريوهات تشبه ماجرى في العراق وتعكس حالة التردد والتملل الاميركي تجاه حرب غير مسوغة حيث بدأت الاصوات تعلو مطالبة أوباما بالتخلي عن شعار التغيير والتصرف كرئيس صاحب قرار حاسم وسريع. الواضح أن أوباما بدأ فعلاً بالتخلي عن شعار التغيير المبهر وخلع قناعه الهوليودي ليعطي تأكيداً أن الولايات المتحدة مازالت مشروع امبراطورية عسكرية في العالم وهذا مانلمسه في العديد من القضايا وأولها قضية الشرق الاوسط التي ضخ الرئيس أوباما لها الوعود بسلام عادل، وهاهو اليوم يبدو أسيراً لرغبات اسرائيل بتراجعه عن الزامها بوقف الاستيطان كشرط لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين.
موقف لا يبشر بامكانية المراهنة على تغير في السياسة الاميركية التي لن تصدم سوى من راهن على التغيير وشعاراته إذا ماقرر أوباما الخيار العسكري لحرب يستحيل النصر فيها محسومة.