تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


جنيف 2 واتجاهات أوهام المعتدين على سورية

الصفحة الاولى
الإثنين 23-12-2013
د. امين محمد حطيط

رغم التأكيد الصادر عن اللجنة التحضيرية الثلاثية الراعية لمؤتمر جنيف 2 والمشكّلة من الامم المتحدة وروسيا واميركا، رغم تاكيد هذه اللجنة على انعقاد المؤتمر في موعده المحدد له في 22/1/2014 ،

فإننا ما زلنا على قناعة أن العوائق التي ما زالت قائمة وتعترض انعقاده هي اكبر من ان تعالج بين ليلة وضحاها حتى وان بعضها من قبيل المستعصي على المعالجة ، وفي كل الاحوال فإن المؤتمر- في حال انعقاده رغم العوائق - سيتحول الى نوع من حفل التعارف والاستقبال والفلكلور الذي لن يقدم أو يؤخر في شيء بالنسبة للصراع القائم في سورية بالصورة والاهداف التي باتت في معظمها معلومة ومؤكدة .‏

وعليه نرى ان تأجيل المؤتمر يبقى مرجحا ، وان الانعقاد في الظروف الراهنة - اذا حصل - لن يكون كما يتصور المخلصون حسنو النية مدخلا لحل الازمة ووقف إراقة الدماء وخاصة مع وجود من بات يعتبر العدوان على سورية همه الشخصي مبديا استعداده لمتابعته حتى‏

ولوحارب في سورية منفرداً كما اعلنت المملكة السعودية.‏

وفي كل الاحوال نجد ان هناك اوهام وحقائق تتجاذب المؤتمر اوترخي عليه بثقلها بشكل لا يمكن تجاوزه . ونتوقف اولا عند تلك الاوهام التي تحكم سلوك البعض أو تمنياته اورؤيته لمؤتمر جنيف والتي تجعله يعتقد ان المؤتمر سينعقد من اجل فرضها وان هناك ارادة دولية وسلطة كونية وقوى متعددة النزعات والقدرات ستقف وراءها وتجعل الكل ينصاع . اوهام و اوهام يعلقها اصحابها على جنيف 2 كالتالي :‏

1)تصور الغرب ان بإمكانه فرض سلطة حكم على سورية لا تمت الى حاضر سورية وواقعها وحقيقتها الثابتة بصلة، حكم يفقد سورية قرارها المستقل ليحولها الى دولة من الدول الهامشية التابعة القائمة على بعض الصدقات والمساعدات المشروطة . وهنا نجد ان التفسير الغربي لعبارة «حكومة كاملة الصلاحية» الواردة في اعلان جنيف 1 تعني بالنسبة للغرب شطب ما هوقائم من سلطة ونظام ودستور في سورية حالياً ، وتنصيب جماعة – بشكل انتقالي على ما يقولون – تتولى الحكم منفردة وتضع القوانين والدستور وتحكم بموجبها الى ان يحين موعد العودة الى الشعب في استفتاء وانتخاب وباشراف تلك السلطة المفروضة وتحت رعاية دولية من الجهة التي نصبتها . ..أي ببساطة انتاج انتداب اواستعمار مقنع .‏

2)تصور القوى الاقليمية التي اضطرت للتراجع الميداني بسبب اخفاقها وفشلها في مواجهة الدولة السورية التي خاضت حربا دفاعية افشلت الهجوم عليها وجعلت هذه القوى تنكفىء تكتيكيا للتربص بالفرصة في حينها وبمساعدة القوى التي كلفتها اصلا بالهجوم العدوان على سورية ، فاذا لاحت الفرصة تتقدم باسلوب جديد مع اغراءات جديدة وعندها تعوض الخسارة اوالهزيمة في المواجهة الميدانية . وتأتي في طليعة هذه القوى قطر ووتركيا اللتان قادتا العدوان الاول ميدانيا وسياسيا .‏

3)تصور عند معظم الذين اخفقوا في الميدان في تحقيق اهداف العدوان على سورية ، تصورهم ان بامكانهم في حال لم يحقق المؤتمر احلامهم في تعويض ذاك الاخفاق ، ان يدفعوا الامور الى فشل المؤتمر بذاته وتحميل الحكومة السورية وعلى راسها الرئيس الاسد مسؤولية الفشل مع تخيلهم أن ذاك سيحاصر الرئيس ويجعله في وجه ما يسمى «مجتمع دولي» بالتعبير الاميركي الغربي ، ما يفسح المجال بعد ذلك لتشكل اوسع كتلة دولية ضده ، كتلة تعمل لتحقيق اهداف المشروع العدواني الاساسي ذاته .‏

4) طموح لدى الممانعين للحل السلمي اصلاً أن يستطيع المؤتمر فرض وقف اطلاق النار على الحكومة السورية على الاقل في فترة انعقاد المؤتمر ، و يعطي بذلك الجماعات المتناحرة فرصة ما لترميم صفوفها ثم يمكنها ان تستغل الفرصة وتشن اوسع الهجمات على المراكز السورية ، اوتفك الحصار عن المواقع التي يحاصرها الجيش العربي السوري ، ويكون في ذلك برأيهم اجهاض للانجازات العسكرية الميدانية التي حققتها سورية منذ اعتماد «استراتيجة الاسد الدفاعية» في شهر آذار 2013 .‏

واجمالا للبحث في هذه الاوهام – الاحلام العدوانية ضد سورية ، فاننا نرى ان االفريق المعتدي والقوى التي انخرطت في الحرب على سورية ورغم انها لمست ما يشبه استحالة تحقيق اهدافها باسقاط الحكم والنظام في سورية واقامة النظام التابع للغرب بديلا عنه ، ورغم انها مارست سياسة تدمير سورية ومعظم قطاعاتها بشكل منهجي مبرمج ، رغم كل ذلك نرى أن الفريق المعتدي ما زال يتصور أن بامكانه فرض حل يسميه سلميا يبحث عنه في مهل تتيح له ان يتابع تدمير سورية واسترقاق شعبها على حد ما افتى لهم كبير من دجالي الفقه المنتحل للاسلام .‏

وبالمقابل هناك حقائق وثوابت تفرض نفسها سواء اعترف بها المعتدون الاصيلون أم الوكلاء ام الادوات ، حقائق هي التي ستؤخذ بالاعتبار ويصاغ على اساسها اي مخرج معقول من آتون النار التي اقتدحها المعتدون على سورية ، وبالتالي فان تجاوزها سيكون بمثابة تطوير الحرب وليس انهائها لان سورية التي نجحت في الدفاع عن نفسها طيلة السنوات الثلاث التي مضت ، ونجحت في حربها الدفاعية تلك لن تسلم لخصومها ولا لاعدائها المهزومين وتعطيهم بالسياسة ما عجزوا عن انتزاعه في الميدان ، وبالتالي على من يبذل الوقت والجهد في سبيل مؤتمر جنيف2 ان يأخذ بالاعتبار الحقائق التالية :‏

1) ان سورية معتدى عليها من قبل عدوخارجي استعمل ادوات داخلية بغية تحقيق اهداف ضد المصلحة الوطنية العليا لسورية وان سورية دخلت هذه الحرب الدفاعية ممارسة لحق الدفاع المشروع عن النفس وهي مستمرة في هذا الدفاع طالما ان الخطر موجود وجاثم على الارض السورية . وان اي حديث عن وقف لاطلاق النار من اجل تسهيل عمل المجموعات العدوانية المسلحة لن يكون له نصيب من الحياة .‏

2)ان سورية تملك قدرات وامكانات استمرار الدفاع عن النفس ما يجعل ثقتها في المستقبل ونتائج المواجهة ثابتة لا تتزعزع . وان سورية ليست وحيدة في هذا الشأن و ان حلفاءها في محور المقاومة عقدوا العزم على الانخراط في هذه الحرب الدفاعية باعتبارهم معنيين بها بشكل ذاتي وبذهنية الدفاع عن الوجود كما اوضح ذلك السيد حسن نصرالله منذ ايام وان العويل والتهويل والصراخ لحمل هذا المكون اوذاك من مكونات هذا المحور للتراجع عن قيامه في أداء واجبه الدفاعي المقدس ، لن يجدي نفعا فالدفاع التحالفي المشترك مستمر حتى يزول الخطر .‏

3)ان سورية كانت تعلم منذ اللحظة الاولى ان العدوان عليها كان يهدف الى تغيير موقع سورية الجيوسياسي ، ذاك الموقع الذي يشكل وجود الرئيس بشار الاسد الدليل القاطع على اتجاهه وطبيعته ، ولهذا كان طلب المعتدين منذ اللحظة الاولى القفز فوق رمزية الرئيس الاسد وبناء حكم من دونه ليسهل تنفذ اهداف العدوان . ورغم ان الرئيس الاسد غير متمسك كشخص باي مركز اوموقع فانه كمسؤول لا يمكن ان يفرط بسيادة سورية وقرارها المستقل وبما ان ترجمة هذا الامر تبدأ بحرية الشعب السوري باختيار حكامه بدءا من رئيس الدولة ونزولا الى اي مسؤول في مجلس تمثيلي اوعضوفي حكومة فان اي وعد اوتعهد اوتصور يخالف هذه الحقيقة – الثابتة سيكون مرتدا على صاحبه ولا يعمل به وان سورية التي يعرفها حلفاؤها واصدقاؤها حق المعرفة تعرف ان احدا منهم لا يمكن ان يتبرع بأي موقف يخالف هذه الحقيقة ،كما ان سورية هذه ترى ان على المعسكر المعتدي ان يفهم جيدا هذه الحقيقة وان لا يمني النفس بما يخالفها كائنا ما كانت الوقائع والدوافع .‏

واجمالا للبحث ولان هذه الحقائق بالنسبة لاصدقاء سورية يقين مسلم به وبالنسبة لخصومها واعدائها حقائق مرة لم يؤهلوا النفس على التسليم بها وسيستمرون باوهامهم واحلامهم ، كنا نرى صعوبة في انعقاد مؤتمر جنيف 2 وصعوبة في نجاحه اذا انعقد ، واعتقد ان جبهة العدوان باتت تدرك ذلك ولهذا عبر عن قرارة ما في نفسها وزير خارجية فرنسا ، عندما رأى ان مؤتمر جنيف 2 لن يكون مجديا اذا كان من شأنه تثبيت الرئيس الأسد ( وهويعني بالعمق تثبيت سورية في موقعها الجيوسياسي ) وبالمقابل نرى ان سورية ومحورها المقاوم ترد على هذا بالقول بحتمية نجاح سورية في دفاعها سواء كان مؤتمر جنيف 2 ام لم يكن فالميدان المفتوح انبأ وسينبئ المشككين بالحقيقة ..‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 أمين حطيط
أمين حطيط

القراءات: 1150
القراءات: 1792
القراءات: 1890
القراءات: 2116
القراءات: 2449
القراءات: 2496
القراءات: 2556
القراءات: 2546
القراءات: 2508
القراءات: 3007
القراءات: 3502
القراءات: 3112
القراءات: 3656
القراءات: 3494
القراءات: 3249
القراءات: 3814
القراءات: 3515
القراءات: 4531
القراءات: 4334
القراءات: 4711
القراءات: 4412
القراءات: 4316
القراءات: 4330
القراءات: 4738
القراءات: 5306

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية