ومع ذلك كله ما زالت المواقف السياسية لبعض القوى المنخرطة في العدوان على الشعب السوري تتحدث عن ضرورة وأولوية ما يسمى الحكومة الانتقالية او هيئة الحكم الانتقالي والتوافق عليها مقدمة للخروج من الأزمة وهو قول لا يصمد أمام الواقع الذي يفرض نفسه على الجميع فكيف لعملية سياسية توافقية أن تتم في ظل ارهاب ممنهج يعصف بالبلاد وقتل وتدمير واستهداف لكل بنى الدولة السورية من قبل عصابات ارهابية وجماعات مسلحة تمارس كل اشكال العنف والإرهاب ولا تقبل بأي حديث عن حل سياسي او حوار مع أي جهة كانت وتعلن على الملأ أنها تسعى لإقامة كيان سياسي يتجاوز سورية وغيرها من البلدان يقوم على اساس قراءة دينية متطرفة وأحادية لا تقبل الآخر المختلف ليس في الدين فقط وإنما في المذهب نفسه وتبيح لنفسها قتل وسبي ونفي كل من لا يوافقها رؤيتها تلك اضافة الى أنها تنظر للعالم وتقسمه الى دار سلام ودار حرب وتعطي نفسها وأتباعها الحق في القيام بأي عمل عنفي او سلوك عدواني في سبيل تحقيق ذلك .
إن حل الازمة في سورية وغيرها من دول تواجه هذا النوع من الارهاب مسألة ليست معقدة او مستعصية او صعبة الحدوث في حال توافر الارادة السياسية في الحل ولكن الواضح من كل ما يجري على الساحة الدولية وما يرشح من مبادرات او مقاربات للحل لا يعطي الانطباع بأن هكذا ارادة قد توافرت فالمناورات السياسية وليست المبادرات الجادة هي ما يطفو على السطح من خلال القراءات المجتزئة او الاستنسابية لبيان جنيف واحد الذي يبدو واضحاً أن بعض القوى غير الراغبة في وقف نزيف الدم السوري وجدت في تلك القراءات حمالة الاوجه وسيلة للتملص والالتفاف على حل سياسي للأزمة معتقدة أنها في موقفها هذا تحرج السلطة الوطنية السورية او تبتزها ما يدفع بها للقبول باشتراطاتها المرفوضة قولاً واحداً .
إن مراجعة منطقية لكل الجهود التي بذلت منذ اندلاع الاحداث في سورية وتحولها الى عدوان عسكري وإرهابي عليها تشكل الانطباع لدى المحلل الحصيف أن تلك الجهود التي تمثلت بإرسال الممثلين عن الجامعة العربية او ممثلي الامم المتحدة وأمينها كان هدفها إما احراج السلطة السورية برفضها لها او القيام بما يمكن تسميته عملية تخدير سياسي ترمي الى اطالة أمد الصراع وما يرافقه من قتل ودمار وتخريب وصولاً لمتغيرات في الميدان تقلب المعادلة العسكرية وتجبر السلطة الوطنية السورية على قبول اشتراطات القوى الخارجية المعنونة كذباً باسم مطالب المعارضة للوصول الى الحل والانتهاء من الأزمة .
إن المؤشرات العملية تدل على أن هذا السيناريو اي التخدير ومحاولات الاحراج والابتزاز ما زال هو المعمول به والمفضل لدى القوى التي تستهدف الشعب السوري وتستثمر في الارهاب الدولي لجهة تحقيق مصالح سياسية بدليل ما طرحه ويطرحه ممثل الامين العام للأمم المتحدة ستيفان دي مستورا في مقاربته المقدمة لمجلس الامن الدولي وما رشح عنه من تصريحات اطلقها في أكثر من عاصمة من عواصم دول العالم خاصة تلك المنخرطة منها في احداثيات العدوان على سورية والتي تشير الى مواربة واضحة في طريقة التعاطي مع الازمة ومحاولة اللعب او التلاعب في الالفاظ او ترتيب الاوليات في مقاربة غير واقعية ولا عملية تشكل ارضية للحل وهو ما يدرك جيداً أنها لا تملك نصيباً من النجاح بسبب ابتعادها عن جوهر المشكلة الا وهو الارهاب وضرورة القضاء عليه بشكل نهائي بحيث تتوافر البيئة المناسبة لحل سياسي توافقي يكون نتاج ارادة وطنية سورية صرفه تعكس رغبات الشعب السوري لا رغبات القوى الخارجية وتوابعها وملحقاتها السياسية ؟
khalaf.almuftah@gmail.com