تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الأدوار الوظيفية والخرائط البديلة..!

الافتتاحيــة
الثلاثاء 17-6-2014
رئيس التحرير عـــلي قــاســـــــم

يستفيض الغرب في الحديث عن تبدلات دراماتيكية تعكسها مواقفه المتراكمة على جبهات الصراع التي أشعلها، ولا يخلو حديثه عن خرائط جديدة في المنطقة, لتكون بديلاً من الخرائط الحالية ومتمماتها الملحقة بخرائط سايكس بيكو التي تشارف على انتهاء صلاحية تداولها تاريخياً وجغرافياً وديمغرافياً.

ويسود الكثير من اللغط السياسي المرافق على ضفتي الحدث بحكم التجارب المريرة التي تحتفظ بها المنطقة من تلك الخرائط التي أعدتها دوائر الاستخبارات الغربية، وتضاف إليها اليوم إحداثيات تفرضها معطيات الإرهاب المسكوت عنه غربياً، وقد استفاض أيضاً في توريثه الأدوار الوظيفية التي عجزت عنها دول ومشيخات وقوى انخرطت في تقديم خدماتها المجانية لمشروع الأطماع الغربية بنسخته المعدلة.‏

الخطير في المسألة تلك المقاربات التي تعتمد حسابات الماضي منهجاً للقياس، وخصوصاً لجهة ما نشهده من فصول التعمية السياسية القائمة على فرضية أن إنتاج تلك الخرائط لا يحتاج إلى مسودات إضافية ولا إلى قواميس لفك الطلاسم والألغاز التي ترافقها بالتوازي معها على جبهات الحشد السياسي والإعلامي، وأن الكل بات اليوم مأخوذاً بحديث التبعات وما يستجره، ومراكز التموضع الجيو سياسي ودوائر النفوذ، وما تفرضه في محاصصة غربية جديدة للمنطقة على أساس الخرائط البديلة.‏

من هذا المنظور، يمكن فهم الكثير مما يجري على نطاق التعويم الجديد لداعش، حيث الاستنفار الغربي المخادع يحشد على المستويات المختلفة ويتسابق مسؤولوه الحاليون والسابقون ليدلوا بدلوهم تحت لافتة التنظير الأوروبي الكاذب والمستفز للعقل البشري بكل تجلياته ومواقعه وحساباته، حيث تفترض أي قراءة أن الدفع بداعش إلى هذا الموضع له رسائله وحساباته الأميركية والأوروبية والإسرائيلية على طاولة واحدة، وهي التحضير للنسخ البديلة من مشروع الاستهداف بعد عقم الخيارات المطروحة على مدى أربع سنوات وارتداد معكوس للنتائج على الأرض.‏

ولا يخفى على الغرب أن القياس نسبة إلى الماضي وما تكفلت به خرائط سايكس بيكو على مدى قرابة قرن من الزمن لم يعد صالحاً للتداول على القاعدة نفسها من الأطماع، خصوصاً أنها استجرت تقاسماً عمودياً وأفقياً لكثير من مرتكزات المشروع، وما يمليه من محاصصة إضافية تعدلت فيها نقاط القوة وتبدلت مواطن الضعف، في وقت تشهد فيه المنطقة تغييرات متسارعة في فائض أوراق القوة لدى المشروع المقاوم، الذي تترسخ فيه أدوات المواجهة وتتعزز خيارات المجابهة المفتوحة باتجاه مراكمة تاريخية تقود بالضرورة إلى فرض إحداثيات مناقضة تماماً.‏

فالانجازات التي يراكمها الجيش العربي السوري لا تكتفي بتقويض الحسابات وتبديل المعادلات، بل تدفع إلى إعادة نظر جوهرية في كل الصورة الافتراضية بمستوياتها المختلفة، السياسية والإعلامية والتعبوية، على نطاق ما هو مشهود في الكثير من الجبهات التي اعتبرت بوابة لمتغيرات في الخرائط القائمة على الأرض، حيث تضيف «كسب» إلى حسابات المشهد ما يدفع إلى الجزم بأن ما يجري ليس انتصاراً عسكرياً في محور فقط، بل تحول في الخيارات حين يغلق نهائياً ما يتوارثه العدوان بخرائطه المجهزة.‏

والاستعانة بداعش لتكون حصان طروادة المنتظر، عليه من النقاط أكثر بكثير مما له، ومضاعفات الفشل فيه أكثر حضوراً من نقاط النجاح، حتى في إطار التأجيج وتوفير عوامل الصراع وتحريك الجبهات المشتعلة، سواء في أماكن تفجرها أم في سياق الاتجاه الذي تقود إليه، ويتوازى ذلك بالضرورة مع تعديلات واضحة على أدوار الدول الوظيفية القائمة على أسس سايكس بيكو ومفرزاتها اللاحقة، ومظاهر الرعب في أوصال المشروع واهتزاز الخرائط القائمة من جذرها.‏

لا نحتاج إلى قرائن إضافية لتأكيد بأن المعيار ليس تلك التحالفات التي تطفح من كأس العدوان، وقد أتخمتها الصدمة والخيبة، لكنها في سياق الحديث عن الخرائط الجديدة ومدعماتها الأساسية أو الإحداثيات التي تفرض توزعها، تدفع إلى الجزم بأن زمن رسم الخرائط في مكاتب التآمر الغربي لم يعد متاحاً، وأن توزيع الأدوار الوظيفية على مقاس الأطماع لن يعدل شيئاً، حتى لو اقتضت حالة النفاق الغربي أن تكون داعش بيدق الدور الوظيفي في مواجهة انكفاء أو انتهاء صلاحية الأدوار الوظيفية لكثير من دول المنطقة.‏

بالتأكيد هناك خرائط جديدة ترتسم في أفق المنطقة، لكنها تلك التي تحددها مواجهات الميدان ومثيلاتها مما تقتضيه إرادة شعوب هذه المنطقة، حيث «كسب» شاهد إضافي يضاف إلى غلال السلة السورية المتكاملة في فرض وقائع ومرتسمات على الأرض، وفي السياسة تعارض وتعاكس الوجوه الافتراضية والخرائط الوجاهية سواء كانت بلبوس القاعدة ومشتقاتها أم بعباءة الدول الوظيفية المتهالكة.‏

a.ka667@yahoo.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 علي قاسم
علي قاسم

القراءات: 6992
القراءات: 914
القراءات: 1067
القراءات: 860
القراءات: 859
القراءات: 849
القراءات: 970
القراءات: 816
القراءات: 746
القراءات: 844
القراءات: 892
القراءات: 779
القراءات: 718
القراءات: 779
القراءات: 972
القراءات: 854
القراءات: 666
القراءات: 860
القراءات: 883
القراءات: 940
القراءات: 886
القراءات: 768
القراءات: 945
القراءات: 852
القراءات: 985

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية