تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أوباما حصان طروادة الأميركي

إضاءات
الاثنين 28-6-2010م
خلف علي المفتاح

«وندل ويلكي» مرشح سابق للرئاسة الأميركية لم يسعفه الحظ في الوصول إلى البيت الأبيض ولكنه استطاع الوصول إلى عقول وقلوب مئات الآلاف من القراء الأميركيين من خلال كتاب ألفه بعنوان (عالم واحد)،

يركز من خلاله على فكرة أن وقوع أي حرب في العالم هو مؤشر سلبي على الدور القيادي لأميركا على الصعيد العالمي وقصور في سياساتها وتعاطيها مع الملفات الساخنة، ويرى الكاتب أن صورة أميركا قد تشوهت على الصعيد الدولي ولابد من العمل على تحسينها، ويرى في وصول رئيس أميركي بمواصفات جديدة إلى سدة البيت الأبيض خير وسيلة لذلك، وعلى هذا اعتبر الكثير من المحللين السياسيين أن كتاب «ويلكي» قد ساهم بشكل كبير في وصول أوباما لمنصب الرئيس فهو أول رئيس أميركي من أصول شرقية كسر نظرية (الواسب) التي جرت العادة أن تحكم مواصفات أي رئيس أميركي وهذا ما أثلج صدور الملايين من الآسيويين والأفارقة الذين رأوا في وصوله لسدة الرئاسة فتحاً جديداً في السياسة الأميركية تجاه العالم، خاصة أن أوباما المرشح قد قدم نفسه للأميركيين والعالم على أنه يمثل التغيير ليس في الشكل بل في المضمون وتعزز ذلك بعد الخطابات التي قدم بها نفسه سواء في أنقرة أم القاهرة ولقيت استحساناً غير مسبوق في الأوساط الإعلامية والسياسية والشعبية على المستوى العالمي.‏

علامات استفهام كبيرة أثيرت حول قدرة الرئيس الجديد على ترجمة أقواله إلى أفعال من أولئك الذين هم على معرفة دقيقة بالديناميات التي تتحكم بالسياسة الأميركية وتضبط إيقاعها الخارجي وهي منظومة معقدة من المصالح ومراكز القوى والمؤسسات مضافاً إليها وسائل الإعلام وقوى الضغط واتجاهات الرأي العام.‏

ولعل ما يهمنا نحن العرب قضيتنا المركزية وصراعنا مع عدونا التاريخي الكيان الصهيوني حيث يشكل الموقف الأميركي منه نقطة الاختبار الأساسية لمدى جدية الرئيس الأميركي وطاقمه السياسي في إحداث تغيير حقيقي في السياسة الأميركية على الصعيد الدولي انطلاقاً من حقيقة أن ما يسمى مشكلة «الشرق الأوسط» كانت على مدى سبعة عقود أكثر القضايا سخونة بسبب طبيعة الصراع ومضامينه والمصالح الاقتصادية والسياسية للقوى الكبرى في المنطقة كونها الخزان النفطي والروحي حيث تهفو إليها قلوب المؤمنين من كل الديانات وتسيل ثرواتها لعاب الطامعين بها من كل حدب وصوب.‏

إن المتابع للسياسة الأميركية في منطقتنا يزداد قناعة أنها لم تخرج عن خطها المتماهي مع المصالح الصهيونية منذ قيام الكيان الصهيوني وحتى الآن وإنها محكومة بعقيدة إستراتيجية صهيونية أميركية لم يستطع أي رئيس أميركي الخروج عنها سواء رغب في ذلك أم لم يرغب إلى درجة أن المتابع السياسي يقع في حيرة حقيقية في تحديد أيهما القامة والظل، وهل أميركا هي «إسرائيل الكبرى» و«إسرائيل» هي أميركا الصغرى؟ وهذا ليس من باب التلاعب بالمصطلحات بل حقيقة تؤكدها اتجاهات الأحداث بالمنطقة فكيف نستطيع أن نفهم أن سياسياً أميركياً يحتل موقعاً مهماً في المطبخ الاستراتيجي يقول: إن السلام في منطقة الشرق الأوسط مصلحة أميركية تمس الأمن القومي الأميركي، ثم تخرج وزيرة الخارجية الأميركية بعد عدة أيام لتقول: إن أمن «إسرائيل» وسلامتها من ثوابت السياسة الأميركية وهي تدرك تماماً أن حكومة «إسرائيل» هي التي تعطل عملية السلام والأكثر من ذلك تحاول جر المنطقة إلى الحرب بادعاءاتها المتكررة والكاذبة بنقل أسلحة من سورية إلى حزب الله ما يستبب - على حد زعمها - بتهديد أمن «إسرائيل».‏

لقد عرى الموقف الأميركي من الكيان الصهيوني الرئيس أوباما من كل ما ادعاه قبل وبعد وصوله للبيت الأبيض من أنه سيحدث تغييراً حقيقياً في السياسة الأميركية تجاه دول العالم يؤسس على حوامل جديدة قاعدتها المصالح المشتركة لدول العالم وحقها في العيش بأمان ورفاه، وآلياتها الحوار لا التهديد وذلك بتبني حكومته وجهة نظر الكيان الصهيوني وتوفير الغطاء السياسي والدعم العسكري والاقتصادي له.‏

إن عصر الخداع الأميركي للعرب يجب أن ينتهي وهذا مع الأسف ما لم يتحقق حتى الآن بدليل أن بعض القادة العرب لا يزالون يلهثون وراء السراب الأميركي متناسين أن الكيان الصهيوني منذ ولادته وحتى الآن لم ولن ينقطع عنه الحبل السري الأميركي فإسرائيل هي الثابت في السياسة الأميركية وأي رئيس أميركي سواء أوباما أم غيره هو المتحول فما آن الأوان للعرب كي يحفظوا هذا الدرس؟‏

khalaf.almuftah@gmail.com

تعليقات الزوار

المهندس / محمد المفتاح - الرقة ومقيم في الرياض |  almoftah_2005@hotmail.com | 28/06/2010 13:46

الأستاذ / خلف المفتاح ، تحية وبعد : أوباما حصان طروادة الأمريكي ، وبهذا أقول : 1 - في مصر باع الرئيس أوباما العرب كلاماً منمّقاً ؛ فقوبل بالتصفيق المجلجل ، وفي تركيا باع نفس البضاعة للأمة الإسلامية وقوبل بالحماس نفسه ؛ وبهذا يكون قد باعنا من بضاعته التي يملك (الكلام المنمّق) وتقبّلنا البيع لأنّه تجارة رائجة لدى الأمتين العربية والإسلامية ! 2 - هل استفاد الرئيس أوباما من تجربة سلفه سيء الذكر بوش الابن الذي احتلّ العراق (العربي) وأفغانستان (الإسلامية) ، ومع ذلك استقبلته العواصم العربية بالرقص والزغاريد والسجاد الأحمر ؟! 3 - طالما أننا لم نحصد في النصف الأول لولاية الرئيس أوباما شيئاً ، فإننا - والانتخابات النصفية في أمريكا على الأبواب - لن نحصل على أيّ شيء ؛ وسنكتشف بعد حين أن الرئيس أوباما كان (طبلاً أجوف) !

فهد العريني  |  fhad2020@hotmail.com | 03/07/2010 18:57

فعلا أستاذ خلف إسرائيل فرع لأمريكا ونحن نعيش في وهم منذ زمن شكرا لك على هالمقالة وتأكد قلوبنا كشعب سعودي مع أخواننا في سوريا بإذن الله وكلنا خلف القضية الفلسطينية أيضا أخوك من السعودية فهد العريني

رحاب القوصيني-عمان الاردن |  REHABQ@MAKTOOB.COM | 04/07/2010 03:46

بعد الخراب الي احدثه بوش في العالم والتداعي الاقتصادي الذي تفاقم في عهده وبعد ان مرغ سمعة امريكا في الطين وهي في الاصل كالحة اللون كان لابد من استحضار رئيس اميركي مختلف في ذاته ومغاير على نحو حاد لبوش فوقعوا على باراك اوباما شاب بذكاء عقلي وعاطفي واجتماعي عال,شخصية كارزميةوخطابي متمكن ومفوه رغبه واصرار في الوصول الىمقعد الرئاسة هذا كله الى جانب جذوره السوداء والاسلاميه فكان عز الطلب, في الاصل وكانسان اوباما ذو وجدان مرهف يجنح الى العدالة والانصاف وهو بطبعه مثالي ,اما كرئيس فقد ادرك منذ شهوره الاولى استحالة استمراره في تفعيل وجدانه وبسط عدالته وتكريس مثاليته وهو مايعني ان اوباما وبمرور الزمن في الرئاسه سيدخل حالات من الضغوط النفسيه والصراعات الانفعاليه ستقوده ربما الى حالات اكتئاب حاد وما هو اشد من الازمات النفسبه كأن يدخل في حالة فصام مثلا حيث انه سيجد صعوبة بالغة في التواؤم ما بين اوباما الانسان المرهف الوجدان المثالي والميال الى العدل وبين اوباما رئيس الولايات المتحدة المسير وفقا لاجندة سياسة عليا ترغمه على ضرب العدالة والانصاف واتباع التحيز والقسوة وتكريس الظلم وربما البطش ايضا ولا عزاء لفلسطين وشعبها.

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 خلف المفتاح
خلف المفتاح

القراءات: 11363
القراءات: 1092
القراءات: 841
القراءات: 995
القراءات: 872
القراءات: 938
القراءات: 953
القراءات: 910
القراءات: 982
القراءات: 930
القراءات: 966
القراءات: 908
القراءات: 935
القراءات: 973
القراءات: 1027
القراءات: 989
القراءات: 1086
القراءات: 1064
القراءات: 986
القراءات: 1050
القراءات: 990
القراءات: 1017
القراءات: 1041
القراءات: 1076
القراءات: 1314
القراءات: 1230

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية