فلا أحد في العالم كله يدرك حقيقة الشأن السوري كالسوريين أنفسهم، ولا أحد في العالم يستطيع أن يصف احتياجاته مثله، ولا أحد قادر على وضع واجتراح الحلول والمخارج كالشعب السوري ذاته.
وهنا كذلك لا تغير المصطلحات والتسميات من طبيعة الواقع، الشعب السوري الذي صمد بوجه أعتى عدوان على مدى السنوات السبع الماضية، إنما كان يستمد قوته من ماض حافل بالقوى والقيم والعوامل الحضارية التي تمكنه في المستقبل أيضاً من بناء الدولة الوطنية وفق النموذج الأصيل الذي يعكس حقيقة السوريين التاريخية والحضارية، ومن هنا فإن أي لقاء أو مؤتمر دولي أو إقليمي أو جهوي فإنه سيؤول في نهاية المطاف إلى لقاء سوري وطني يبحث المشكلات والوقائع ويضع في الوقت ذاته الحلول الوطنية بما يتوافق والطبيعة السورية الأصيلة، تلك الطبيعة التي مثلت نموذجاً متفرداً على مدى العصور وهو النموذج الذي ما زال ملائماً ومناسباً للسوريين، كل السوريين، ولن تفلح التدخلات الخارجية في التخريب البنيوي مهما وظفت من عملاء ومهما استعانت بالغرباء من الإرهابيين، ومهما خرقت القوانين الدولية واعتدت على السيادة الوطنية، فالسوريون يعلنون أنهم وحدة متكاملة متعددة الألوان والأطياف تتكامل في دائرة الوطن، ويدركون أن قوى العدوان لن تقوى على فرض إرادتها الإرهابية، وإن ما لم يستطيعوا تحقيقه من خلال العدوان الإرهابي المسلح لن يستطيعوا تحقيقه في المفاوضات التمثيلية، إذ إن ساحات الحوار الوطني وحدها تبقى المكان الأوحد الذي يرسم ويصاغ ويحدد فيه مستقبل الوطن، وذلك أمر مفروغ منه تسليماً بحقيقة الانتصارات الميدانية المسجلة يومياً على أيدي رجال الجيش العربي السوري الباسل.
وإذ تبدو التغيرات والانعطافات الدولية والإقليمية واضحة البدايات فإنها تعكس اعترافات ضمنية بسقوط المشروع الاستعماري الغربي من جانب وانتصار سورية في الجانب الأساس.
والمؤكد أن المجموعات والحكومات التي بدأت عدواناً إرهابياً على سورية، تجري تعديلات وتغييرات داخلية بحيث تستجيب للمرحلة القادمة، تلك المرحلة التي يسلم بها المعتدون بالواقع الذي فرضته سورية بإصرارها على خياراتها الوطنية في السيادة والحفاظ على الحقوق، والاستمرار في المواجهة الحضارية لصوغ المستقبل بصياغة سورية صرفة لا تؤثر فيها المصطلحات المخترعة أو التوصيفات الخاطئة.