| ملح الأرض من البعيد السادس من أيار ليس يوماً عادياً في تاريخ أمتنا، والذين صعدوا في ذلك الصباح الندي إلى منصة أعواد المشانق، وبكثير من التصميم والإرادة ،كانوا يدركون ، أن الأجيال اللاحقة سوف تواصل المشوار والرحلة لم تنته...، فالتخلص من الاستعمار والقهر والتسلط، يستلزم وفي كل مكان من ساحة المعمورة ، الإبقاء على الإرادة الصلبة وعلى كبرياء لايعرف معنى الانحناء ....، وفي العودة إلى تاريخ الشعوب المتخم بالدروس والعبر والحكايا ،سوف نعثر على تجارب ، تشير إلى أن مصير الفرد هو مصير المجموع ، وأن الوطن لايتعرّف بالأفراد ، وإنما في قدرة الأفراد على تجسيد مايعنيه الوطن لجهة الجغرافيا والتاريخ واللغة والمصير المشترك ، وسواها من معاني ودلالات الانتماء الأخرى. يوم أشرقت الشمس على ساحات دمشق وبيروت ونصب الغرباء أعواد المشانق ، أخذتهم أوهامهم وحساباتهم الخاطئة ، بأن النسوة سيذرفن الدموع ، وأن الهلع سيشطر القلوب، غير أن كل هذه الحسابات تبددت وتلاشت مثل زبد البحر ، فالنسوة أطلقت الزغاريد، وتبارى الشهداء في السباق لاستقبال الأنشوطة التي ستعود بهم إلى الوطن ....صعدوا أعواد المشانق وهاماتهم مرفوعة كالسنديان ....ورؤوسهم تتطلع نحو الشمس التي أطلت في ذلك اليوم مبكرة لترمي بسلامها الأخير ، على أولئك الذين جاؤوا ليدافعوا عن النهار العربي من خلف الياسمين الدمشقي أعالي قاسيون ، ومن خلف غابات الأرز المطلة على منارات البحر. أعراس الشهداء لم تتوقف عند تاريخ السادس من أيار ، وإنما استمرت المسيرة وتواصلت في أكثر من مكان على ساحة الوطن ، ففي زمن مضى جاء صالح العلي من تلك الجبال المطلة على نوارس البحر، وأعقبه الأطرش وهنانو والعظمة ... والطفلان محمد الدرة وفارس عودة ، وسواهما من الشهداء الذين عاهدوا الشيخ عز الدين القسام ، على أنهم أوفياء لمسيرته ولراية الوطن والحق. الشهداء ...وفي كل الأزمنة ، يأتون من فيض الأحلام وقهر الأيام ومبادئ الأخلاق ....لكنهم لايرحلون ، ويبقون في الضمير ، لأنهم ومنذ ولادة التاريخ يصنعون الفجر والصباحات الجديدة ....طوبى للشهداء ،فهم ملح الأرض في كل الأزمنة . Marwan j@uraech .com
|
|