كما فعل الغرب ويفعل بمجتمعات العالم البشرية منذ مئات السنين وحتى اليوم, بل أراد الرجل أن يبعث روحاً ما من صلب المادة , أراد أن يثبت قدرة الذكاء الإنساني الخلاق في إمكانية أنسنة المادة مهما قست وصلبت.. تماماً مثلما أرادت ماري كوري وشقيقها في تسخير الطاقة النووية لخدمة الإنسان وحضارته.. قبل أن تستخدمها أميركا لقتل الإنسان وإنسانيته, وكما أراد ألفرد نوبل في اختراع الديناميت.. قبل أن تحشوه أميركا في قنابل ذكية !
ورطة فرنكشتاين في صناعة المخلوق الخيالي القاسي القلب والهائل القوة والغبي الجاهل الذي لا يعرف القراءة والكتابة , والذي تمرد على خالقه فيما بعد .. كانت بسبب سوء الحظ وربما التعجل في استكمال تلك الصناعة وليس بسبب سوء نية شريرة , على الأقل كما في رواية ماري شيلي , في حين أن ورطة الغرب , وبالذات أميركا , في صناعة وحشها الجديد نسبياً «القاعدة» لم تكن إلا بسبب سوء نيتها وتخطيطها المسبق لاستبدال استعمار الشعوب من الخارج باستعمارها من الداخل .. وبما هو أكثر لؤماً وقسوة وظلماً , وربما لهذا السبب لم يتمرد بعد هذا الوحش على خالقه , ولا يزال مروضاً وممسوكاً يؤدي وظائفه وأدواره بولاء كامل وإتقان محكم .. لا يضاهيه في ذلك سوى من زيّف العقل العالمي ولا يزال يواصل تزييفه , بأن ثلة من الجهلة المتخلفين المتعصبين القتلة هم.. من خطط لهجمات الحادي عشر من أيلول في نيويورك, وأسقطوا في لحظات, وبدقة وأناقة تنفيذ لا تعكس جهلهم وغباءهم .. أسقطوا برجين يتجاوز كل منهما مئة طابق في أرضه دون أن تصاب الأبراج المجاورة بأي أذى ؟
فرنكشتاين ووحشه شخصيتان خياليتان في رواية , لك أن تطالعها أو تعزف عنها , لكن الغرب وغربه الأميركي وقاعدته ليسا كذلك ابداً , بل هما واقع حي متحرك ومدمر تعيشه عشرات الملايين من شعوب الشرق الأوسط والمنطقة العربية , وإذا كان وحش فرنكشتاين في الرواية إياها لجأ صاغراً إلى خالقه كي يخلق له زوجة مثله يأنس لها وبها , فإن ثمة وحشاً لجأ أيضاً إلى أميركا كي تخلق أبناءً وأحفاداً للقاعدة كي تأنس وتستمر بهم , فكان له ما أراد وكانت أنسال جبهة النصرة وداعش والجبهة الإسلامية وغيرها ممن يتكاثر ويتناسل على أرض سورية الشام .. أليست مملكة آل سعود هي مملكة الوحش الغبي الجاهل بقوة مال عمياء في المنطقة العربية اليوم !
وحش فرنكشتاين ألقى بنفسه أخيراً في النار المستعرة , كي ينهي بنفسه مهزلة دامية علم , بعد أن تعلم القراءة والكتابة , أنه لا يمكن لها أن تستمر , ووحش أميركا التكفيري الإرهابي يشعل النار في سورية ويلقي بالأبرياء في سعيرها المشتعل ... قبل أن يتمرد على خالقه , وقد حان وقت التمرد فيذهب بقدميه إلى سعير النار .. وقد أدرك حتى دون أن يتعلم أن لا جدوى من أي شيء لتحقيق الانتصار على السوريين ؟؟