وقد أكسبتها التجارب مناعة وحصانة ضد الضغوط الاقتصادية والسياسية وزادتها صموداً وإصراراً على مواجهة تلك الضغوط والانطلاق لتحصين الاقتصاد السوري والمضي في برامج الإصلاح الاقتصادي والسياسي والإداري وامتلاك التكنولوجيا المتقدمة وتسخيرها في عملية التنمية الشاملة.
نحن لانقلل من خطورة الضغوط التي تواجهها سورية, بل على العكس فهي تأتي ضمن مخطط إمبريالي أميركي - إسرائيلي مدعوم من بعض الدول الأوروبية التي تسير في ركب السياسة الأمريكية مقابل الحصول على مكاسب اقتصادية مؤقتة بعد أن تنكرت لمواقفها السابقة وتجاهلت المواثيق وقرارات الشرعية الدولية وانحازت إلى تأييد قرارات طاغية مبنية على مواقف مسبقة تتناقض مع الحقيقة والعدل!!
إننا نملك من عناصر القوة أكثر مما نملك من عناصر الضعف, وأهم عناصر هذه القوة هو الإنسان, فالإنسان السوري لايساوم على الوطن, ولا يخاف التهديدات وهو مستعد للتضحية والدفاع عن الأرض والعرض مهما بلغ الثمن, والأمثلة على ذلك كثيرة وفي ظروف أصعب من الظروف التي نمر بها وبإمكانات متواضعة, ومع ذلك كان النصر حليفنا بفضل تلاحم الشعب والوحدة الوطنية الرائعة والإيمان الراسخ الذي لايتزعزع بأن الوطن للجميع, وما يتهدده من مخاطر يطال الجميع.
إن الموقع الجغرافي المميز لسورية أعطاها ميزة إيجابية, فهي نقطة الوصل بين الدول العربية في المشرق والمغرب والمعبر الآسيوي الأوروبي, كما هي المعبر من وإلى الخليج العربي, وشواطئها قريبة من الشواطئ الأوروبية وأي ضغوط اقتصادية عليها لن تتأثر وحدها بل سيطال ذلك تلك الدول التي تعبر بضائعها الأراضي السورية وتستفيد من موقع سورية الاستراتيجي.
والاستعداد لمواجهة الضغوطات الاقتصادية يجب أن يبدأ وكأن الأمر حاصل فعلاً, وعدم الانتظار حتى تفرض بحقنا عقوبات اقتصادية, بل يجب التعاون بين الحكومة وكافة القطاعات الاقتصادية الإنتاجية والخدمية, صناعياً وزراعياً وتجارياً, وتوفير المنتجات الأساسية لفترة طويلة, والحرص على تشغيل المعامل والمصانع بطاقتها القصوى وترشيد الطاقة ومنع الهدر وتأمين الأمن الغذائي وحاجات المواطنين اليومية والاهتمام بالحياة المعيشية, وإيجاد حل للأزمات ومكافحة الفساد والمضي في برامج الإصلاح الاقتصادي لأننا عندما نكون أقوياء اقتصادياً نكون أقدر على مواجهة الضغوط الخارجية.
وبمقدار حرصنا على وطننا ومقدراته سيكون الحصار أقل فاعلية وأقل ضرراً, وبمقدار تلاحمنا والتمسك بالوحدة الوطنية سنكون قادرين على مواجهة الضغوط الاقتصادية والسياسية.