| يهدمون بيوتهم بأيديهم وندوس كرامتنا بأقدامنا معاً على الطريق ويقرر العرب أن تكون القدس «عاصمة للثقافة العربية» فتضيق إسرائيل الخناق على المقدسيين القابعين في أحيائهم الفقيرة كي يخلوها ويرحلوا عنها بقرارات صارمة ليست سوى استطالة للكتاب الأبيض بمنح الحركة الصهيونية وطناً قومياً ، وسوى مخططات كانت مخبّأة في الأدراج رغم «مماحكات» التفاوض من أجل السلام وما نتج عنها من اتفاقات وعهود .. وضعوها الآن (علناً) خلف الظهور , وكشفوا شيئاً فشيئاً عن بعض المخبّآت التي تبدو مثل الإيقاعات الموسيقية «قرار وجواب» فهل تنتهي هذه المخبّآت بتحقيق أحلامهم من النيل إلى الفرات ، أم إن ثمة مخبّآت أخرى لانهاية لها؟. إن ما لا يخطر ببال الأبالسة أن تقوم إسرائيل بإجبار المقدسي أن يهدم بيته حجراً حجراً بيديه ويدي زوجته وأولاده مثلما بناه .. وإلا قامت الآليات بعجنه بعضه ببعض ، وحمّلت صاحبه غرامات الهدم والترحيل ، وهو لايكاد يحصل على قوت يومه . إنها «قمة الإذلال» و»السفالة» بعد أن تربعت إسرائيل على قمة الوحشية في كفر قاسم وقانا ، وفي تكسير الأرجل والأيدي ، وقذف الناس من نوافذ بيوتهم .. وقصف جنين , وأخيراً في غزة، هدم البيوت والمدارس والمستشفيات ومقرات الأمم المتحدة فوق رؤوس الآمنين رجالاً ونساء وأطفالاً ، وحصار غزة ومانتج عنه من الجوع وتلوّث المياه ، وإقفال المدارس . ويزور باراك أوباما الرياض ، ويزور القاهرة وجامع السلطان حسن ويلقي خطبة عائمة غائمة لم نربح منها سوى طلاقته ، وسلاسته ، وديبلوماسيته ، وكأننا كنا نتوهم أنه مقبل على خطوة جديدة يغطي بها مصالح أمريكا ولو بغلالة شفافة .. ويتحرك جورج ميتشيل ، ويزور أكبر وفد برلماني أوروبي غزة ، ويتألم مثلما تألّم ! طيب الذكر بان كي مون ، وتقوم التظاهرات .. ويبقى كل شيء على حاله لايكلّ قصف ولايُفكُّ حصار , وإسرائيل لاتزال ماضية في مخططاتها لاتسمع ولا ترى . ومازال الفلسطينيون يتصارعون ولا تعدم أن ترى صريعاً بين يوم وآخر , ومازال العرب يكرون ويفرون بأحلامهم وحسب .. لايحركون ساكناً ولا يسمحون للشعوب تحت أيديهم أن تتحرك ، ومازال بعضهم يتمسّكون بمعاهدة الصلح مع إسرائيل ، ومازال بعضهم يحلمون بالصلح ، ومازال الفلسطيني كالديك المذبوح الذي قال عنه المعري «استضعفوك فأكلوك ..؟» يقول الجاحظ في كتابه الشهير البيان والتبيين: «اللهم إنا نعوذ بك من فتنة القول كما نعوذ بك من فتنة العمل ، ونعوذ بك من التكلّف لما لانحسن كما نعوذ بك من العجب بما نحسن ونعوذ بك من السلاطة والهذر كما نعوذ بك من العِيِّ والحَصر» أهديها لكل عربي في كلِّ دار ، ولكل مسؤول ، ولجميع العاملين في الإعلام .
|
|