مجرد شعار وكلام دون رصيد إن لم يقترن بأفعال وإجراءات ملموسة على الأرض، تترجم صدقية الدولة العظمى ورغبتها في أن تكون عامل استقرار وتوازن وسلام ، بدلاً من ذاك الدور الذي عهدناه لعقود وكان وراء كل الانتكاسات ، والتوترات والحروب التي أصابت المنطقة والانسدادات الحاصلة في آفاق التسوية.
والجولة الحالية لجورج ميتشل التي أعقبت زيارة الرئيس باراك أوباما لبعض دول المنطقة ، وإن كانت في الأطر العامة تعكس اهتمام الإدارة الأمريكية الجديدة بشؤون المنطقة وأوضاعها ، وتوجهاً يؤمل البناء عليه وأن يكون نقطة انعطاف وتحول في مواقف واشنطن حيال الصراع ، إلا أنها في العمق وبما رافقها من تصريحات للمبعوث الأمريكي حتى الآن , لا تبعث على التفاؤل أو تقدم قراءة مغايرة للمشهد العام المتأزم والمتفجر ، بواقع غطرسة وعدوانية تل أبيب ولاءاتها الرافضة للسلام .
فاليمين الصهيوني المتطرف و ( الدولة ) التي تشهر يهوديتها اليوم بعنصرية وقحة وتحد على حساب فلسطين والأرض العربية ، ليسا بالطرف المفترض أن يتلقى التطمينات ورسائل الدعم القوية والمتكررة ، التي تجدد التزام الولايات المتحدة بما يسمى أمن إسرائيل وتضعه على حد تعبير ميتشل فوق الشكوك ؟ ! ، فيما العرب والفلسطينيون الواقع عليهم الاعتداء والمغتصبة أرضهم وحقوقهم ، الجهة الأولى والأحوج لمثل هذه الضمانات والتطمينات ، وإلى المواقف العادلة والمنصفة الكفيلة بتحقيق التسوية وتصحيح الصورة الأمريكية.
ومخطئ من يعتقد هنا أن في ذلك استجداء ومنّة ، وأن أي شيء تسلم به (إسرائيل ) من استحقاقات التسوية ، هو نوع من حسن النوايا و (التنازل المؤلم ) ، ذلك أن الأخيرة ووفق كل الشرائع والقوانين كيان عنصري دخيل ومغتصب ، لا يملك الحق والأرض ومشروعية التصرف بهما ، وبالتالي فهو محكوم مع الداعمين له بقرارات دولية ملزمة ، مثلت ولا تزال شروطاً رئيسة للسلام ، ولا مناص من تنفيذها طال الزمان أم قصر .