تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


اعتلالات الشكل وخفايــــا المضمــون

الافتتاحية
الخميس 11-6-2009
بقلم رئيس التحرير أسعد عبـــود

أكثر من 750 الف طالب وطالبة في امتحانات التعليم الثانوي بأنواعه والأساسي. عملية تتطلب كبير الجهد ويُنفق عليها بالملايين..

هي أحد العناوين لنشاط الدولة في التعليم ..مدارس... مدرسون ... معلمون... أبنية.. كتب.. نقل... الخ.‏

في الجامعات نحو 650 الف طالب في الحكومية عدا المعاهد والجامعات الخاصة..‏

عملية تتطلب العمل والعلم والعقل والمال وأعتقد أن سورية واحدة من الدول القليلة التي تقدم كل ذلك مجاناً..‏

موسم الامتحانات جعلني اختار هذا المثال لأتحدث عن اعتلالات في الشكل والأداء والإدارة في عملنا وجهدنا الوطني..‏

بصراحة لاتظهر للأعين ولا الأنفس تلك الحجوم الهائلة من عمل الدولة السورية.. أبداً.. بل على العكس تظهر أخبار ومعلومات حول ذلك كله جديرة بباب صدّق أو لاتصدّق..‏

كأننا تماماً «نشرب البحر ونغرق في الطاسة».‏

نحن نسيء لجهودنا ليظهر المردود أقل وربما بكثير من الإمكانات والأموال الموظفة هنا وهناك.‏

«اعتلالات في الشكل» .. هكذا يمكن أن نراها.. لكن.. لنحذر من هذه الرؤية والغرق فيها.. الأصل في الحياة أن مانزرعه في المضمون والعمق يظهر في الشكل بالضرورة..‏

الحياة المريحة الجميلة المطمئنة هي غاية كل عمل، اقتصادياً كان أم اجتماعياً أم خدمياً..‏

هل هكذا تبدو الحياة عندنا.؟!‏

أنا أعلم وأرى وأسمع أن ثمة جهوداً كبيرة تُبذل لإظهار شكل للحياة يليق بسورية وشعبها..‏

وهناك مؤشرات على توجهات في أعلى قمة الهرم السياسي والاجتماعي نفهم منها الرغبة في إظهار الشكل الحضاري الجميل للحياة في سورية، المتناسب مع حجم الانفاق وما تتيحه الاجواء المحيطة قبل أن تعبث بها عوالق الانتهازية والشره والرغبة في ابتلاع كل شيء.. والاساءة لكل شيء.. «يخرّب بمليون كي يستفيد بألف».‏

كل مقومات الحياة الجميلة متوفرة، وجزء كبير من الامكانات المطلوبة لإقامة هذه الحياة.. متوفر أيضاً.. وغير المتوفر يمكن أن يتوفر عندما نصدُق الحياة..‏

العمل الحقيقي يظهر في واقع الناس والبلد.. لايخبىء نفسه.. ويجب أن يظهر .. جمال الحياة هو ثمرة انعكاس نتائج الجهد والفعل والعلم عليها.. وإلا..‏

في الدول الموازية لنا في عمر الاستقلال والنهضة لاتخبىء شوارعها ومدنها وقراها .. ومنشآتها السياحية وغير السياحية التطور الحاصل في الحياة..‏

ماليزيا.. تركيا.. وغيرهما الكثير..‏

أين نحن؟! متى سنتوقف عن شرح من نحن؟ متى ستنوب عنا شوارعنا ومدننا وقرانا والحياة بتفاصيلها في تقديم الحقيقة..؟!‏

متى ستشهد منشآتنا على النهضة التي نعيشها؟!‏

متى سنرى ونلمس الحقيقة التي تعلن قدوم مليوني سائح في خمسة أشهر اختاروا بلدنا للاستمتاع والاستجمام وعشق الجمال؟!‏

أنا لا أشكك في الرقم.. وأحيي الجهود المبذولة للوصول له.. لكن.. حياتنا ومنشآتنا ومستوى أسعار فنادقنا وخدماتنا تشكك فيه.. وأعتقد أنها مهمة عظيمة أن يكون ذلك واضحاً للأعين.. بمعنى أن يشعر به الناس قبل أن يقرؤوه أرقاماً وبيانات صحفية.. عن طريق جواب السؤال:‏

هل تبدو سورية لزائر قادم، أو لمواطن مقيم مقصداً سياحياً فعلياً وناجحاً..؟! هل إجراءاتنا وخدماتنا تُظهر ذلك؟.‏

يجب أن يكون ذلك مرئياً بالأعين، وأنا لا أنفي وجوده، لكن أقول إنه غير واضح المعالم.. لأن ذلك يعني إظهار الجمال الناجم عن الجهود لتشكيل الحياة الراقية..‏

يجب أن نرى ذلك..‏

يجب أن تعلن الحياة الجميلة عن نفسها من خلالها، لا من خلال الحديث عنها.‏

بصراحة تبدو جهودنا.. جهود الدولة.. جهود الحكومة مظلومة في الحالتين.. في حالة أن هذه الجهود لا تثمر ما يعبر عنها، وإنما تتبخر في طرق تبدو مشروعة، وغالباً لا مشروعة.. وفي حالة كونها تثمر جيداً، لكن لا تُرى بالعين المجردة.‏

مهمتي أن أقول لكم.. حبة مليئة وعشر فارغة، هذا ما تقدمه ملامسة واقع الحال.. فهل نحن كذلك؟!‏

a-abboud@scs-net.org

تعليقات الزوار

أيمن الدالاتي - الوطن العربي |  dalatione@hotmail.com | 11/06/2009 01:54

الأمر بسيط ولايحتاج لكل التنظير والدراسات, فخدمة المواطن تتطلب شفافية, وتتطلب نزول المسؤول للشارع , وتتطلب قرارات ميدانية برفع كل دهاليز الظلم, إنما هناك بطانة نافذة وقوية تجير كل تحرك من الدولة والحكومة من أجل المواطن لصالح نخبها, وأكثرها من فئة محدثي النعمة, وهي معشعشة بكل مفاصل البلد ,لهذا لاير المواطن تضحيات الدولة ولاخدمات الحكومة, لأنها لاتصل إليه أساسا في مجملها, وحتى إن وصل بعضها فيسبقها تحركات ميدانية من جوقة المنتفعين تفرغ كل خدمة من مضمونها, وبالتالي هناك حاجز كبير بين الدولة والحكومة وبين المواطن, هذا الحاجز إسمه :الفساد, وقد استشرى.

الطورنجي وفيق ، الضيعة |  ازمة عقول وليس مرور | 11/06/2009 02:26

كلمتين مختصرتين يا عم اسعد .. هناك فساد في عامة الشعب و فساد في عامة الحكومة . الحكومة تأتي من الشعب والشعب يأتي من الحكومة . والاسرة تأتي من الافراد والافراد يأتون من الاسرة ،وللاسف وبكل حرقة اقولها باننا لا نستطيع فصل هذين التوأمين السياميين عن بعضهما البعض ، وعليه اتمنى من احد ما ان يقدم لي اقتراحا عن كيفية حل هذه المعضلة.. اي معضلة الفساد والفوضى الاجتماعية والادارية مع عدم رمي الاحمال على الاخرين . على سبيل المثال كنا وما زلنا نشتكي من ازمة المرور المتفاقمة منذ ما يربوا عن الاربعين عاما ، الا انه وبسبب الجهل والتقاعس المزمن ما زلنا مستمرين في اتخام هذه الازمة عبر الابنية والطرقات المشادة حدثيا باسلوب وترسيم عشوائي ودون تفكير مستقبلي لايقل تخلفا عن سابقاته: بحيث نرى ان الارصفة اعرض من الشارع العام المخصص لمرور السيارات والذي غالبا لا يستوعب الا لسيارة واحدة او سيارتين على الاكثر مسببا بذلك الازمة المرورية . انها عقول الجهل والتخلف المتوارث من السواد الاعظم من مهندسينا الافاضل وغيرهم.. سواء القدامى منهم او حديثي العهد ، الذين لايعرفون كيفية التخطيط والترسيم لمشروع جديد يكون منتظما بابنيته وشوارعه.. مستوعبا المركبات والارصفة المريحة للمشاة.. من المفروض ان يعمر لمئات السنين . اخيرا ما نتعلمه في البيوت نطبقه في الشوارع !! وعليه.. حلها انت يا استاذ عبود.. ان استطعت ؟؟؟ .فالبيوت تبقى محرمة ولا احد يستطيع الدخول اليها .

المهندس / محمد المفتاح - الرقة ومقيم في الرياض |  almoftah_2005@hotmail.com | 11/06/2009 13:38

الأستاذ / أسعد عبود ، تحية وبعد : عبارة (يجب أن تعلن الحياة الجميلة عن نفسها من خلالها ، لا من خلال الحديث عنها) تحتاج من المسؤولين الوقوف - لا التوقف - عندها ، وبهذا أقول : 1 - نحن في الخارج نعتز أمام الأشقاء والأصدقاء بأن التعليم في سورية مجاني ، ولكن علينا أن نقف عند ظاهرة غريبة وهي خلو المدارس الحكومية من طلابها وامتلاء المعاهد الخصوصية بهؤلاء الطلاب ، والحكومة تدفع نفس المصاريف ! 2 - السياحة في بعض الدول العربية مثل مصر وتونس هي مورد أساس لاقتصاد تلك الدول لأنّها جعلت منها (صناعة سياحية) ، فهل جعلنا من السياحة كذلك ؟ وهل وصلنا إلى الحدّ الأدنى من الثقافة السياحية المطلوبة ؟ وأين الشرطة السياحية التي تؤمّن سير العملية السياحية بالشكل الآمن والمريح للمصطاف ؟ وهل غيّرنا من الأسلوب المرهق عند المنافذ الحدودية ؟! 3 - في مشاريعنا استعنا بالشركات والخبرات الأجنبية ، وصار لدينا الكوادر المؤهلة لقيادة عملية التنمية ، فهل امتلكنا الشجاعة للقيام بذلك ؟ ومشروع (ري دجلة) الحيوي قادم ، وينتظر منا قبول التحدي . هي تساؤلات تريد الوقوف عندها للرد عليها ، وبلدنا تستاهل منا كل خير .

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 أسعد عبود
أسعد عبود

القراءات: 788
القراءات: 817
القراءات: 807
القراءات: 900
القراءات: 747
القراءات: 867
القراءات: 812
القراءات: 857
القراءات: 788
القراءات: 833
القراءات: 736
القراءات: 826
القراءات: 825
القراءات: 788
القراءات: 828
القراءات: 960
القراءات: 696
القراءات: 1005
القراءات: 1164
القراءات: 899
القراءات: 857
القراءات: 1183
القراءات: 1070
القراءات: 852
القراءات: 1011

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية