بل وتسابقت في إشهار إفلاسها إلى حد الاعتراف بأن ما يواجه إسرائيل اليوم هو القضايا المصيرية ذاتها التي كانت تواجهها لحظة إقامتها على الأرض العربية.
وفيما المساومات قائمة على قدم وساق تميل أغلبية الإسرائيليين إلى الجزم بأن الأفق ليس مغلقاً فحسب، بل أيضاً محكوم بالعجز الفاضح في تخطي ما هو أكثر صعوبة أمام تحديات لم تعد مجرد تحليلات وتحذيرات بقدر ما هي وقائع تحكم السياسة الإسرائيلية إلى حد بعيد.
وما تم ليس أكثر من سيناريو مخفف لما هو أسوأ، حين ينتقل العجز بصوره الفاضحة إلى مواجهة الملفات الأكثر سخونة والتي تراكمت منذ سنوات بفعل الفشل في معالجتها في حينه، والتي أدت إلى تفاقم المأزق بصور تترجم في خيارات الإسرائيليين.
وإذا كان النزوع الإسرائيلي نحو التطرف أكثر من خيار، ويصل مرتبة التوجه في الداخل الإسرائيلي نتيجة حمى الخطابات التعبوية التي راكمت من مفاعيل الأخطاء السياسية لجيل من المسؤولين الإسرائيليين الذين لم يعوا دروس التاريخ، ولم يستفيدوا من تجاربه الماثلة أمامهم، فإن القادم يبدو أكثر مأساوية في الخيارات التي يقدمون عليها، وفي المسؤولين الذين ارتضوهم ليكونوا المعبرين عنهم.
الأخطر أن يكون التعبير الإسرائيلي عن رفض السلام بمنطق الحائط المسدود الذي يغلف كل اتجاهاتهم حتى اليوم، واللافت أن القضية التي كانت مشجباً تعلق عليه الاختلافات المزعومة بين الأحزاب الإسرائيلية تسحب من ساحة التداول والجدل ، وتحل مكانها فرضية التوحد في خيار التطرف التي عكستها صناديق الانتخابات بصورتها الفجة.
لذلك لم يكن عجز نتنياهو عن تشكيل الحكومة الإسرائيلية إلا صورة مصغرة عن مأزق يراد له أن يغطى بسلسلة من المساومات التي تتناوب الأطراف الإسرائيلية على اللعب بأوراقها، على اختلاف الغايات التي تتلاقى عند قبول غير مشروط بكل ما سبق لصناديق الاقتراع أن حددته من اتجاهات وخيارات تصطف جميعها لرفض السلام.