وإن احتاجت الأكاذيب الى تسويق وترويج فثمة كتائب تحت الطلب من الدبلوماسيين والعاملين في البيت الأبيض ووزارة الخارجية, يستخرجون التقارير والأرقام والنسب من تحت أظافرهم ويوزعونها يمنة ويسرة, وقد ينسفون ما قبلها, غير أن السطوة الأميركية العالمية تشتغل بدورها لتكم الأفواه وتلجم الرقاب وتجعل من الأسود أبيض.
اليوم يتشدق زالماي خليل زاد المندوب الأميركي في الأمم المتحدة, وخلافاً لتصريحات أميركية سابقة,أن تسعين في المئة من مقاتلي الاحتلال الأجانب في العراق يأتون عبر الحدود السورية, وإضافة لعدم ذكره لمصادره فاقدة الدقة بالتأكيديتجاهل بالطبع أن جملة مقاتلي الاحتلال الأجانب هناك لا يزيدون عن أعشار قليلة في المئة, والباقي الأعظم هم من المقاومين العراقيين الذين لا تريد إدارة الرئيس بوش الاعتراف بهم كمقاومين?
لا تريد إدارة الرئيس بوش أن تعترف, رغم كل ما ارتكبته من احتلال وقتل وتدمير,أنها أخفقت حتى الآن في تسعين بالمئة من مشاريعها في العراق وحتى في غيره, ولا تريد التسليم بحقيقة الصفعة التي تلقتها على وجهها هناك, فمن الطبيعي, وهي الإدارة الخبيرة المتمرسة في الاختلاق والتجني, أن تعود الى ما درجت عليه من الكذب والافتراء كلما ضاقت بها السبل في تنفيذ أجندتها, لعلها توفر لنفسها ولقواتها المحتلة شروطاً أفضل للبقاء.
وبطبيعة الحال, ولأن أفق هذه الإدارة بات محدوداً وضيقاً, وقد ضاقت معه آمالها في نهب آمن ومستقر للثروة العراقية النفطية, فإنها أقرب ما تكون اليوم الى السلوك الأرعن منه الى المبرمج والحصيف, بحكم المأزق الذي تعانيه في غير اتجاه ومكان, وقد تكون مرحلتها الآفلة تلك هي الأخطر على الإطلاق, وهي الأكثر كذباً وافتراء أيضاً.