تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


«تعويذات» كيري..!!

الافتتاحية
الثلاثاء 3-5-2016
بقلم رئيس التحرير: علي قاسم

يسترشد وزير الخارجية الأميركي بعظات الجبير السعودي، بعد أن استفاض في الاستماع إلى نصائح الأردني قبله، تمهيداً أو تقطيعاً للوقت إلى حين اهتدى في نهاية المطاف إلى ما يقوله دي ميستورا، أو تمهيداً لما ينوي أن ينقله له كلائحة إضافية من التعليمات الأميركية الصارمة

في المرحلة المقبلة، بعد أن أبدى بعض التمايز عمّا هو مطلوب أو خرج في جزء من مواقفه عن النص المرسوم له.‏

هذا الاسترشاد الأميركي يبدو أنه على وقع إخفاق مراكز صنع القرار الأميركي في فهم الأسباب الموجبة لما آلت إليه الأحداث والتطورات، والفشل الذريع الذي أدى إلى احتراق ملفات واستبعاد أخرى من دائرة القرار والـتأثير، فيما يراه الآخرون على أنه تحضير لحقبة إضافية من اللعب الأميركي في أوراق الفوضى، وما أنتجته من تراكمات على مستوى الفائض الذي بات عبئاً يُثقل الكاهل الأميركي ويُغرقه في التباين الحاد الحاصل والذي يدفع إلى الجزم بحتمية البحث عن بوابة احتياطية للغفران المسبق مما هو آت أو قادم.‏

جبهة التجريب الأميركي في النزال القادم يبدو أنها حلب، وقد تسلح بما توافر لدى السعودي، والأردني الذي لم يتردد في إبداء رأيه هو الآخر بما يجري في حلب، وأن يكون له كسائر الآخرين ما يطوف به على الإعلام كتعويذة إضافية تحول دون إصابته بعين الغيظ الخليجي أو التركي عند الحديث عن حلب، التي كانت محمية تركية لا يجوز التصريح ولا الحديث ولا حتى إبداء الرأي خارج سياق الحيّز التركي المشغول بترتيبات استعادتها إلى دائرة الهمّ والاهتمام.‏

التعويذة النوعية التي استجدّت على وقع أحداث وتطورات تدفع إلى الجزم بأن حلب التي احترقت بنيران الإرهاب مراراً وتكراراً تصلح لتكون متكأً للساعد الأميركي كي يعيد ارتباطاته الإقليمية ويربط خيوط التشابكات السياسية، وقد دُفعت جميعها أو بمجملها إلى الدخول في مهاترة رخيصة كان أبطالها مجموعة من «بروباغندا» إعلامية دعائية جائرة تُعيد التذكير بأشهُر الضخ والفبركة الكاذبة، إلى درجة أن بعض من هانَ عليه المشهد لم يتردد في إجراء المقارنة كما جاءته من خلطة النفاق الأميركي، متذرّعاً كعادته بالبُعد الإنساني وبالبكائيات الغائمة والطافية على صفيح من الكذب السمج.‏

لسنا بوارد الدحض، والحدث ذاته يرد بما هو أكثر من الحاجة على وقع تباينات لا تكتفي بما آل أو قد يؤول إليه تجوال كيري في جنيف بحثاً عن التعويذة ذاتها، التي طالما استخدمتها أميركا كذريعة للحديث الفج عن أولويات تتجاوز اقتفاء أثر الفعل الإرهابي، وما يحتاجه من مهدئات إضافية لمشغِّليه الذين وصل الذعر بهم إلى حدّ اللهاث خلف الأميركي ولو كان على فتات وعد أو نتف من مهاترات تعيدهم إلى منابر الإعلام التي غابوا عنها قسراً أو طوعاً أو كان حصيلة لأمر واقع أعاد الخلط بين أدوارهم ومهامهم الوظيفية المستجدة.‏

لا نعتقد أن خشية كيري ولهفته لم تكن حاضرة!! وقد يكون غير منصف من يقول أنه لم يبدِ تعاطفاً وحماساً لإعادة اللعب في الهامش الإنساني المعتاد على وقع التباينات، مع معادلات افتراضية سوّقتها السياسة الأميركية، بعد جولة أوباما على المشيخات التي لم تنفعها وعود كاذبة ولا تلميحات جوفاء لا تهدِّئ البال ولا تخفِّف من روع ما هو قادم، بعد أن وضعت جنيف السياسية أوزارها كاملة على المشغِّلين الإقليميين الذين بالغوا في الصعود، وليس هناك من هو مستعد لتقديم ما يساعدهم على النزول، بما في ذلك المردود المتواضع من عظاتهم للوزير الأميركي المشغول بتسويات، والمهموم بزلات مرتزقته واهتزاز وجودهم وحضورهم.‏

في منطق الاستنتاج البسيط.. أن الأميركي مع المشغِّلين الإقليميين لهم اليد الطولى على التنظيمات الإرهابية، وفي محتوى الاستنتاج الأكثر بساطة.. أن أميركا التي تفاوض عنهم وتتفاوض باسمهم، والموكلة الحصرية في كل ما يصدر عنهم هي ذاتها التي كانت المحرّك لهم، وهذا ينسحب على ما مضى، كما هو معمول به فيما سيأتي لاحقاً، وإلا ماذا يعني هذا الحديث الأميركي عن أولويات لم تعد جنيف على لائحتها، ولا إعادة إطلاق طاولتها مهمة أو مدرجة في أجندات المسعى الأميركي، بقدر ما هو مهموم بإنقاذ مرتزقته، وحفظ ماء مشغِّليهم الإقليميين؟!‏

على هذه القاعدة تبدو حلب بما أضيف إليها، وما يتم إخفاؤه عنها مجرد تعويذة إضافية بقطب مخفية للتغطية على مغطس أميركي لا يكتفي بما يعلق به من مياه آسنة وطحالب مؤذية، بل يُشهر ما بان من عورات الأميركيين قبل مرتزقتهم، ويميط اللثام عن تورط المشغِّلين قبل الإرهابيين، حيث البيّنة هنا ليس على من ادّعى بقدر ما هي فيمن يزعم البحث عن حلول سياسية يقاتل ويخاتل من أجل دفنها، ولا يتردد في الحشد خلف جنازتها، حيث عدّاد الموت الذي تحركه الأصابع الإرهابية ليس أكثر من أرقام للدعاية والارتزاق السياسي والمتاجرة الرخيصة بحياة السوريين!!‏

حلب التي صمدت وأبكتهم، وحلب التي قاومت وصدمتهم، وحلب التي صبرت حتى أعيَتهم، وحلب التي رفضت وجودهم ولفظت حضورهم.. حلب هذه بصبر أهلها وإرادة أبنائها ليست مدينة سورية فقط، بل هي كل المدن السورية وكل السوريين فيها ومنها، ولكم أن تسألوا كل سوري كم يجد فيها ما ينتمي إليه وما يدفعه للصمود من أجله وللتضحية في سبيله.‏

a.ka667@yahoo.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 علي قاسم
علي قاسم

القراءات: 7094
القراءات: 1014
القراءات: 1172
القراءات: 958
القراءات: 959
القراءات: 946
القراءات: 1077
القراءات: 909
القراءات: 847
القراءات: 945
القراءات: 993
القراءات: 878
القراءات: 817
القراءات: 867
القراءات: 1071
القراءات: 950
القراءات: 768
القراءات: 957
القراءات: 979
القراءات: 1039
القراءات: 994
القراءات: 872
القراءات: 1042
القراءات: 951
القراءات: 1082

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية