| نظرة..! معاً على الطريق على الرغم من إعلانه أن عيونه ستخلد إلى النوم الهانئ فيما ينشغل الناس بحل ألغاز أشعاره.. وقبله لم يكن أي من أجداده امرؤ القيس أوزهير أو طرفة أو عنترة يعتقد أنه سيخلد في ذاكرة أبناء جلدته ويتجاوزهم ليصبح حاضراً في الثقافة الإنسانية كلها. ومثلهم قد يكون أرخميدس وفيثاغورس وأرسطو وأديسون الذين انخرطوا في أعمالهم واختصاصاتهم إلى درجة الذوبان والانصهار الكامل بها فأنتجت نظريات ومخترعات وقوانين أسهمت في تحسين مستوى حياة الإنسان على امتداد الكرة الأرضية. ولم تكن تفاحة نيوتن لتقل أهمية باعتبارها لا تنتمي إلى دائرة الفكر والعقل والتفكر, لتكون نقطة التحول لإخراج الإرهاصات العلمية الكامنة لدى العالم الكبير, وهي تبحث عن مخرج صغير ينهي حالة الضغط الكبيرة التي كان يعانيها. إنها مسألة معاناة معاشة في أتون العمل الصادق باعتباره أقدس قيمة عرفها الإنسان على امتداد تاريخه الحضاري. والنماذج التاريخية في ميادين العلم والثقافة والأدب تمثل حالة المخاض الإبداعي في أسمى وأرقى حالاتها, مع ملاحظة الاستعداد للتضحية بالنفس والجسد أمام اثبات صحة المعلومة, وإظهار محتواها إلى الوجود الإنساني باعتبارها تمثل حقاً ينبغي إيصاله إلى جميع بني البشر. والأمر هنا لا يختلف بين المبدعين والمجددين في الميادين الاجتماعية والثقافية والفنية وبين المخترعين والمستكشفين في الميادين العلمية والتجريبية, ففي كلتا الحالتين, قدم المبدعون ضريبة غالية في زمن سابق لينعم اللاحقون بخيرات وفوائد إبداعاتهم, فما الإطلاق في حرية التأمل والتفكير إلا محصلة لجهود الأوائل ممن اختطوا لأنفسهم الأدب والثقافة طريقاً, وما المخترعات والآلات التي تنعم البشرية باستخدامها إلا ضريبة المعاناة التي قدمها العلماء الذين صاغوا الأسس العلمية منهجاً والتجريب أسلوباً والحقيقة هدفاً. واليوم قد لا نولي كل هذه الحقائق اهتماماً لأنها أصبحت بمتناول أيدينا, حتى غدت وكأنها من البديهيات لكن لحظة تأمل واحدة, تجعلنا نكبر ما قدموا, ووقفة صدق صغيرة تدفعنا للبحث عن آليات تنتج المزيد من وسائل الرفاه, وتدفع غوائل الشر إلى دياجير الظلام
|
|