.لو تسرع قليلاً وتلحق بالليالي الموجعات ..تعبت الأرض من الدماء.
يمشي الصيف ويدير ظهره لدموع الأمهات ..كأن ورق الخريف لن يتساقط غداً .
لن يضّيع الشتاء عناوين الذين اجتمعوا والذين سيجتمعون غداً, ليوزعوا الرصاص على أطفالنا .
تباً لهم ..يجتمعون وكؤوسهم مترعة بالذل ..اشربوا ..وهزوا رؤوسكم ..لا أظن أن موعد القطاف سيتأخر كثيراً .
................................................
يأتينا أحيانا « صوت نباح قريب ..
وحيناً نسمع عواء ومواء ..تختلط علينا الأصوات ..وتختلط علينا الجهات ..لكننا لا نضيع أبداًجهات الجراح ..دماؤنا تنزف ..والوحوش تتدرب على نهشنا ..من أعطاهم مفاتيح الجنة والنار ؟ من أوكل إليهم خريطة الأسماء ؟ هذا يدخل الجنة وهذا يدخل النار , وذاك كافر ..وتلك ( ما ملكت يمينهم ) ..تباً للرؤوس المليئة بالحقد ..تباً لخدام الغرب وأميركا ..فهل رضيت عليهم الصهيونية بعد أن قتلوا الآلاف من شعبنا ؟ وهل سيضمنون عروشهم بعد أن جندوا وغرروا بالآلاف من شبابنا الجاهلين ؟
فاض الألم في عروق السوريين ..وابتلت تلك العروق بالقهر ..بأموالهم نقتل بعضنا وبرصاصهم وفتاواهم نهدم بلدنا ,,ننام على الدماء وينامون مع جواريهم ..
يكفي دماء أيها السوريون .يا أبناء هذه الأرض الطاهرة ..لقد جرت أنهار دمنا ووصلت غابر الزمان في حاضره . فماذا بقي للمستقبل ؟
يكفي ..لقد هدمنا ما بناه آباؤنا وأجدادنا ..صار الجرح واسعاً ..وصارت الذاكرة تنزّ دماً .لا يجوز أن يمر الشهداء بين الجرح والذاكرة ..لا يجوز أن تبقى درب الآلام تتمشى بين عتباتنا ..نريد أن تغفر الأمهات لأبناء عاقين أخطؤوا وذبحوا أخوتهم ..نريد أن يغفر الآباء للذين باعوا أنفسهم لأعداء سورية ..نريد أن يندمل الجرح ..ويكون ولاؤنا لسورية وليس لغير سورية .
نريد ..إن نبقى أخوة نرفع البنيان العالي للوطن ..لقد دفعنا الكثير .. صار الثمن باهظاً.
...........................................
لتكن صدورنا درع البلاد الأبية ..
البلاد التي تحتمي بأبنائها الطيبين المخلصين .وترفض الاحتماء ببارود العدو .
آن أوان الجد والفصل بين المنتمي وغير المنتمي ..كفى متاجرة بدمنا ..لقد أورق الحزن على شرفات البيوت كلها .لم تسلم نافذة من الحزن ..ولم يسلم قلب من البكاء ..
هذه حلب الأبية ..تصد بصدرها الزمن الرديء . لا يليق بحلب الحزن ولا الدماء ..حلب الجميلة يليق الفرح بها وزغاريد النصر والوفاء ..وتلك حمص التي اشتقت إلى أمسياتها وكتّابها وقصائدها , يبكي العاصي على عتباتها ..وفي شرقها زنوبيا التي تقص شعرها وتقسم أن لا تهون البلاد التي تصون ترابها بسواعد رجالها المخلصين ..
وأنت يا دمشق ..صداقة طويلة بيننا ..وبيننا المجد وأعياد البطولة والسيف الأموي البتّار ..وبيننا الجباه العالية والزمن الأبيّ ..اشتقتك دمشق ..اشتقت حاراتك القديمة وأهلك ( أهلي ) الطيبين .
اشتقت بردى وقاسيون ..ورائحة الياسمين .
اشتقت الطلول الغافيات .والسفوح الشامخات ...تهلّ الدموع ..ويحق للأصدقاء أن يبكوا الفراق ,,فكيف وأنت جنة الدنيا وواحة المجد ..كيف لا أشتاقك وأنت هويتي واسمي وذاكرتي ؟
.................................
كفى ..يا أبناء سورية ,,لنترك الوطن يتحدث عنا ..لا تذبحوا البلاد التي ربتنا وأعطتنا اسمها ومجدها وحضارتها ..لنكن الأبناء البررة ..لا تصدقوا مؤتمراتهم وقراراتهم ..لا تصدقوا بترولهم ولا عماماتهم ..إنهم يكذبون ..إنهم يتاجرون بدمنا ..لا تكونوا الأدوات ولا السكاكين التي تقطع وريد البلاد ..؟؟هذه سورية ,,فاتقوا الله في سورية وإلا ستحاسبنا الأجيال القادمة .
..........................................................
كأن العيد جاء ..كأنه لم يزر بيوتنا ,للمرة الثانية ؟.. يذكرنا بالأحبة ..والأحبة غائبون ..لكن أرواحهم تمر فوق رؤوسنا ..نحّس برائحتهم العبقة .. نشعر بحركتهم ونسمع صوتهم ..اتقوا الله في سورية .