تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


السياسة الأميركية بين المبدئية والبراغماتية

إضاءات
الإثنين 20-8-2012
د.خلف علي المفتاح

يقال إن مدينة واشنطن العاصمة الفيدرالية للولايات المتحدة الأميركية قد بنيت على شكل مربع الذي يرمز للعدالة وبعيداً عن دقة المعلومة من عدمها وهو ما يناقضه واقع الحال وبالعودة, للسياسة الأميركية خلال ستين سنة من تاريخ العلاقات الدولية وبالنظر إلى مجمل التطورات الحاصلة في البيئة الاستراتيجية الدولية منذ الحرب الباردة إلى القطبية الأحادية

وحتى وقتنا الحاضر يمكن للملاحظ السياسي أن يصل إلى جملة عناصر تحكم السياسة الخارجية الأميركية, يأتي في مقدمتها أنها تضع أهدافاً استراتيجية تنطلق من عقيدة سياسية لا يخرج عنها أي رئيس أميركي سواء كان جمهورياً أم ديمقراطياً ويقتصر التغيير في حدود السياسة الداخلية وإن كان ثمة تعديل على السياسة الخارجية فهو في طريقة تحقيق الأهداف أو التعاطي معها لا في تغييرها وهنا يمكننا الدخول في المعطى الثاني الذي يميز تلك السياسة وهو الديناميكية في التعاطي مع العالم الخارجي والديناميكية تتقاطع تماماً مع البراغماتية وهي النزعة التي تحكم السياسة الأميركية أي القدرة على التعاطي مع الواقع المتغير بما يحقق المصلحة الأميركية بعيداً عن المذهب السياسي للآخر شريطة أن لا يعلن عن عدائه الصريح أو وقوفه بمواجهة السياسة الأميركية ويحول دون تحقيقها إن استطاع ذلك.‏

أما المعطى الثالث الذي يميز السياسة الأميركية من وجهة نظرنا فهو أنها تستخدم كل الوسائل والأساليب والأوراق ووسائل الضغط والنفوذ كي تحقق أهدافها سواء انسجم ذلك مع قواعد القانون الدولي أم لا فالغاية تبرر كل الوسائل جرياً على المكيافيلية التي هي جوهر السياسة الأميركية والقاعدة فيها هي بكل بساطة أن النجاح في تحقيق أي هدف يعطيه قوة القانون، ومن هنا يكتشف الباحث أن أميركا لم يحاسبها أحد على إلقاء القنابل النووية على اليابان وكذلك على مقتل أكثر من مليون أندونيسي في خمسينيات القرن الماضي ومثلهم في حرب فيتنام وفي العقد الماضي على حربيها على أفغانستان والعراق وإزهاقها لأرواح مئات الآلاف منهم.‏

المعطى الرابع هو سياسة النفس الطويل في معاقبة الخصم أي إسقاطه عبر انهاكه وذلك بمحاصرته سياسياً واقتصادياً ومحاولة التضييق عليه وإدانته عبر المنظمات والمنصات الدولية، والمثال على ذلك الحصار والعقوبات التي فرضتها أميركا على كل من كوباو كوريا الديمقراطية والجمهورية الإسلامية الإيرانية ولاحقاً سورية، فعلى الرغم من مرور عدة عقود على بعض تلك العقوبات والتبدل الحاصل في البيئة الدولية وخرائطها السياسية وتناوب أكثر من عشرة رؤساء أميركيين على سدة البيت الأبيض إلا أن القاسم المشترك الأعظم بينهم هو استمرار تلك السياسات.‏

بالمحصلة يمكننا القول إن الرهان على تغيير في السياسة الأميركية تجاه دول العالم التي تصنف في دائرة الأعداء أو الخصوم هو رهان فاشل ولا يمتلك أي درجة ولو ضئيلة من التحقق، ما دامت الولايات المتحدة الأميركية اللاعب الأبرز في المشهد الدولي وهنا يصبح الأمل في تغيير بنيوي أو جوهري في السياسة الخارجية الأميركية مرتبطاً بقدرة القوى الكبرى الناهضة أو تحالف دولي لقوى صاعدة تتكتل سياسياً واقتصادياً وعسكرياً بحيث تشكل ثقلاً حقيقياً وازناً وله استطالات على المستوى العالمي والإقليمي الأمل الوحيد في إحداث تبدل عميق في تلك السياسة وبالتالي في قواعد اللعبة الدولية.‏

khalaf.almuftah@gmail.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 خلف المفتاح
خلف المفتاح

القراءات: 11189
القراءات: 999
القراءات: 754
القراءات: 900
القراءات: 778
القراءات: 850
القراءات: 862
القراءات: 826
القراءات: 891
القراءات: 835
القراءات: 837
القراءات: 824
القراءات: 847
القراءات: 884
القراءات: 919
القراءات: 901
القراءات: 972
القراءات: 963
القراءات: 908
القراءات: 962
القراءات: 892
القراءات: 925
القراءات: 952
القراءات: 987
القراءات: 1141
القراءات: 1137

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية