بين ثمانينات وتسعينات القرن الماضي وبين العقد الأول من القرن الواحد والعشرين تغيرت الكثير من المعطيات في العملية التعليمية سواء لجهة التحصيل ما قبل الجامعي أو لسنوات الدراسة الجامعية وما بعدها، وهذه المعطيات تتعلق بذهنية الطلبة وتعاملهم مع المناهج أو التطورات العلمية المتسارعة، أو من خلال آلية الامتحانات وطرائق التدريس والبحث العلمي وغيرها من الأدوات والمفردات التعليمية..
فمثلا طلبة الثمانينات كانوا يعتمدون على الأمالي في بعض الكليات والأقسام وخاصة النظرية ورغم دخول الكتاب الجامعي واستقرار وجوده بين الطلبة خلال تسعينات القرن الماضي وما تلاه، بقي الجزء النظري في التعليم الذي يعتمد الشرح والإضافات من الأستاذ هو الغالب، ولهذا كانت امتحانات تلك الفترة تتضمن أسئلة تحتاج شرحا ومعلومات وكتابة تفاصيل مطولة، وبعض الأساتذة كان يضع سؤالا واحدا بمائة درجة، وبعضهم سؤالين فقط، ومعظمهم كان يضع سؤالا رئيسيا يحدد له ربع أو ثلث علامة الامتحان، وكان هذا الأكثر شيوعا..
هذه الطريقة الامتحانية كانت تتبعها على الأغلب جامعة دمشق، وهذا ما جعل معدلات الطلبة تتدنى مقارنة مع طلبة الجامعات الأخرى، وكان من النادر أن نرى خريجا من جامعة دمشق تجاوز معدله العام ثمانين بالمائة، وقلة من يصلون إلى السبعين بالمائة، والنسبة الأكبر من طلبة جامعة دمشق خلال هذين العقدين تتراوح معدلاتها بين الخمسينات والستينات في جميع الكليات النظرية والعلمية..
أما طلبة السنوات العشر الأخيرة فنجد أن معدلاتهم بدأت ترتفع لتتجاوز حائط الثمانينات، وليكون قسم كبير منهم في السبعينات، والسبب هو تحديث وسائل وطرائق التدريس، والاعتماد على طريقة الأتمتة في معظم الامتحانات للكليات العلمية والنظرية، وأي طالب يكون حضوره خلال العام جيدا، وتحضيره للامتحان جيد، يستطيع الحصول على درجات مرتفعة، لأن الجواب موجود أمامه ويحتاج منه تركيز لاختيار الجواب الأكثر دقة، وهذا أكثر سهولة بكثير من طريقة تحضير الدماغ لاسترجاع معلومات كاملة قد تتضمنها صفحات حول فكرة واحدة، إضافة إلى أن طريقة الأتمتة توزع الدرجات على أسئلة كثيرة ما يتيح زيادة التحصيل، على عكس الأسلوب المتبع في الفترة الماضية التي تحدد الدرجات كاملة أو معظمها بسؤال أو اثنين، ولهذا نجد أن الطلبة الجدد لديهم معدلات مرتفعة أكثر بكثير من الطلبة السابقين..
المشكلة الآن التي يواجهها الطلبة القدامى، أن التسجيل في الدراسات العليا له نظام واحد وهو المعدل، وحصرا فوق الستين بالمائة، إضافة لدرجة امتحان القبول، وهذا الامتحان لا خلاف عليه، ولكن التقييم على أساس المعدل فيه ظلم للطلبة القدامى للأسباب المذكورة، وهذا يعني حرمان تلك الشريحة من تحقيق حلمها، إذا أرادت استكمال الدراسات العليا بعد استقرار حياتها الاجتماعية، من مسكن ودخل ومستوى معيشة وغير ذلك، فنظام التسجيل واحد ويضع الحديثين مع القدامى في منزلة واحدة وهذا فيه ظلم حكما للقدامى..
ومن هنا نقترح وضع نظام خاص للتسجيل في الماجستير يأخذ بعين النظر هذه الشريحة، من خلال تخصيص بعض المقاعد للطلبة القدامى الذين تخرجوا قبل عشر أو خمسة عشر عاما، وتطبيق باقي الأنظمة عليهم كقبول خاص للكبار على المقاعد المخصصة لهم، لنساعد من يريد تحقيق حلمه بالحصول على الدرجات العلمية العليا، أو افتتاح درجات علمية عليا للراغبين من الكبار لا تنطبق عليهم شروط ومعايير الطلبة الجدد..
مقترح نضعه بين أيدي المسؤولين نتمنى أن نجد له تجاوبا..
w.moneer@hotmail.com