تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


نهايات مدروسة

معاً على الطريق
الأحد 23-10-2011
مصطفى المقداد

قضى العقيد القذافي وفقاً للرؤية التي أرادها له الفرنسيون والغرب، وخاصة نيكولاي ساركوزي الرئيس الفرنسي ذا المرجعية الاستعمارية، ونفذها الشعب الليبي أو جزء منه في ثورة بدأت شباط الماضي وأسست مجلساً انتقالياً أعطى مشروعية للمشاركة الأطلسية والدولية في الهجوم والتدخل داخل الأراضي العربية

بعد جواز ذلك التدخل في المنظمات الدولية والإقليمية في خطة تمت صياغتها في دوائر الاستعمار المغلقة، تماماً بالطريقة ذاتها التي بدأت قبيل الفترة الاستعمارية وعمليات الاستشكاف الجغرافية الكبرى.‏

لست ضد رحيل القذافي، ولم أكن يوماً أقف بوجه هذا الرحيل، بل على العكس ربما قلت إنه كان سبباً في ضياع ثروة الشعب العربي في ليبيا وتبديدها على مشاريع لم يحصد منها إلا الضياع.‏

ولم يجن الليبيون منها غير المآسي والقهر والحرمان، إذ كان يمكن لبلد بحجم سكان ليبيا أن ينتقلوا إلى مستوى حياة متقدم جداً اعتماداً على ثروة ضخمة تفيض عن حاجة المواطنين الليبيين وتحقق لهم تنمية متقدمة وتوفر لمستقبل أبنائهم الكثير، في وقت تتناقص فيه الثروات مقابل زيادة سكانية متزايدة ولكن ذلك لم يحدث قط.‏

وأراني وأنا أتابع أخبار موت القذافي وعرض جثته مسجاة في سيارة الإسعاف ونقلها إلى مصراته أسترجع أكثر من صورة سقوط مماثلة وأقارن ما بين تلك الصور علّي أجد الرابط الخفي بين كل ما يحدث وما يتم التخطيط له في أكثر من موقع في بلداننا العربية، والمصير المراد لأكثر من زعيم عربي بدءاً من عملية إسقاط تمثال صدام حسين في ساحة الفردوس في بغداد في التاسع من نيسان 2003 حيث أطلق الغرب إشارة الإسقاط في خطوة تمثيلية استخدم الإعلام فيها سلاحاً ماضياً يفوق أعتى الأسلحة مضاء في التاريخ الإنساني.‏

زعماء عرب ارتكبوا الكثير من الأخطاء التي وصلت حد الجريمة في أكثر من عاصمة وفي أكثر من مرة، لكن الحساب والعقاب لم يكونا حاضرين في التوقيت المفترض، فالحساب يأتي منسجماً مع الأجندة الغربية التي رسمت الخط البياني للتعامل مع الأنظمة العربية، والحكومات العربية وفقاً لما تقتضيه التطورات السياسية والاقتصادية والتكنولوجية، فالهدف هو جوهر الأمة وأساس نهضتها، وليس مجرد تسجيل انكسارات وهزائم لا يلبث العرب بعدها أن يستفيقوا وينتبهوا إلى مواجهة العدو الأساسي إيماناً منهم بعادلة قضيتهم الواحدة وحقهم في استعادة أراضيهم المغتصبة وحقوقهم المنتهكة وسيادتهم المستباحة.‏

فكان تركيز الغرب والصهيونية خلال الفترة الأخيرة على إحداث تغييرات في بنية العقل العربي على المستوى الفردي، وذلك من خلال تحويل اهتمامات الفرد العربي وتركيزه من القضايا الأساسية والجوهرية إلى المطالب الثانوية وإعادة انتاجها بشكل جديد بحيث تحتل المطالب الفردية أعلى سلم الأولويات بينما تتراجع أو تضيع الحقوق العامة والمصالح المشتركة للأمة.‏

الأمر الذي يقتضي هدم القيم العليا وبالتالي التنكر للإرث الثقافي التاريخي، وتحطيم الرموز ذات القيمة الحضارية واستبدالها بالمفاهيم المعولمة التي تتنكر لكل قيمة نبيلة وتقطع صلاتها بالأصل والموروث.‏

وتسجل طريقة التعامل مع قتل زعيم عربي شهادة تزيف الإدعاءات «الثورية» ذلك أن عوامل الثورة لابد لها من أن تتمثل في صدق الدعوة وتحقيق مبدأ العدالة والحكم بالمساواة بين جميع أبناء الوطن الواحد في إعطائهم حقوقهم ومطالبتهم بواجباتهم وهو ما يفتقد كلياً.‏

فبعد هذا هل يتنبه الغافلون؟ وهل يصحو الضائعون خلف أوهام الدعوات البراقة للحرية التي تستبطن قتل الجميع.. قتل الوطن..‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 مصطفى المقداد
مصطفى المقداد

القراءات: 11635
القراءات: 950
القراءات: 886
القراءات: 865
القراءات: 904
القراءات: 929
القراءات: 972
القراءات: 894
القراءات: 945
القراءات: 1006
القراءات: 964
القراءات: 955
القراءات: 974
القراءات: 973
القراءات: 977
القراءات: 1072
القراءات: 1006
القراءات: 1055
القراءات: 1063
القراءات: 1044
القراءات: 921
القراءات: 991
القراءات: 1038
القراءات: 1041
القراءات: 952
القراءات: 1091

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية