بقي رافضاً مراهناً على استغلال ورقة الإرهاب، وبقي مستقوياً على الطرف الآخر ليس بأوراق قوة حقيقية يمتلكها، وإنما بقناعة لديه بأن هذا الطرف لن يتهور كما يفعل هو، وبأنه لن يتخلى عن لغة العقل ويذهب إلى مواجهة كبرى.
واقعياً كان رهان أميركا وملحقاتها على تعقل وهدوء وعدم اندفاع وتهور الطرف الآخر في محله إلى حد بعيد، بينما كان رهان واشنطن وملحقاتها على ورقة الإرهاب رهاناً ساقطاً يشتد كلما انهار جزئياً، أو كلما بدا أنه سينهار كلياً مع ما يعني ذلك من ارتدادات خطيرة على أصحابه في المنطقة وخارجها، وهذا بالضبط ما زاد في تعقيد الأزمات واستعصائها على الحل، لأن معسكر أميركا الداعم للإرهاب بات محشوراً بين حدي قبول السيئ أو الأسوأ من الحلول التي لا تضمن له تحقيق أقل من الحدود الدنيا التي سعى لها بكل ما أوتي من خبث ورذالة وانسلاخ عن الأخلاق.
بعد توقيع الغرب مع إيران الاتفاق النووي اختلف المزاج الأميركي جزئياً، أو بدا كما لو أنه بات مختلفاً، ولاحت في الأفق بوادر لفرص حل جديدة مقبولة تحفظ ماء الوجه لمعسكر الإرهاب والعدوان، فمن جهة لا تُبديه خاسراً ومهزوماً، ومن جهة أخرى لا تُجرمه ولا تُدينه بدعم الإرهاب، فهل تُمثل هذه الفرص فرصاً حقيقية للحل، أم أنها لن تؤدي في أحسن الأحوال إلا إلى حل جزئي يضمن فقط مخرجاً للعالم من أزمة كبرى صنعتها أميركا وملحقاتها؟.
وإذا كان الطرف الآخر «المُعتدى عليه» لا يبحث عن تسجيل انتصارات فيها ما فيها من مُجسدات كسر العظم في السياسة والميدان، فمن يضمن موافقته على ترجمة هذه الفرص وتحويلها إلى حل لا يأخذ بالاعتبار حقه باحتلال مكان تحت الشمس يليق بصموده وتضحياته وقدراته السياسية والعسكرية في المعادلات الدولية والإقليمية الجديدة، وخاصة أنه يدرك أن الطرف الآخر لم يتخل عن سياساته العدوانية، ولم يُبدل في مشاريعه واستراتيجياته، وقد قبل مرغماً بسبب تضرر مصالحه ووصوله إلى مرحلة اليقين بحتمية فشلها؟!.
سورية لم تستجد حلولاً تنتقص من سيادتها، ولن ترضى بأي حلول لا تحفظ وحدتها واستقلالها وتصون دماء شهدائها وتضحيات شعبها المقاوم الصامد، لطالما صمدت في مواجهة الكيان الصهيوني وإرهابه، ولطالما ثبتت في مواجهة الإرهاب التكفيري ومن يقف خلفه ممن يقيمون في المنطقة وخارجها من الأعراب والعثمانيين، ومن الغربيين والأميركيين المتصهينين، وإذا كانت ولا تزال تنشد السلام والاستقرار ومستعدة لمنح الحلول المطروحة فرصة الحياة والنجاح، فإن على جوقة العدوان أن تفهم بأن سورية القادرة المقتدرة ستنتزع انتزاعاً جدارة الدور والموقع من أعدائها، وأولهم أميركا وملحقاتها.